عنها ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه» (١).
وسئل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أيأخذ الرجل من مال ولده؟ فتلا (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً ..). الآية [الشورى : ٤٩] ، فهو مما وهب الله لنا ؛ فهم (٢) وأموالهم لنا ، والله أعلم.
ويحتمل ما أغنى عنه ما جمع من المال ، وما كسب من العمل والإنفاق الذي أنفق على الطمع الذي فعل ، أي : لم يغنه شيئا.
أو [لم يغنه] ما كسب عن صد الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والدخول في دينه والاتباع له ، وسوء المقال الذي قال فيه.
وفي حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : تبت يدا أبي لهب وقد تب ما أغنى عنه ماله وما اكتسب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) :
أي : ذات التهاب.
وفيه دلالة إثبات رسالته ؛ حيث أخبر أنه سيصلى نارا ، ولا يصلى النار إلا بعد ما يختم بالكفر ، ثم كان كما أخبر ؛ دل أنه علم ذلك بالله تعالى.
وفي هذه السورة دلالتان أخريان يدلان على نبوته :
إحداهما : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما قرأ هذه السورة عليهم بمكة حين لم يكن له ناصر في الدين ، وكانت المنعة والقوة للكفرة ، وكانوا جميعا أولياء أبي لهب وأنصارا له عن آخرهم (٣) ، ولا يحتمل أن يكون محمد صلىاللهعليهوسلم يقرأ هذه السورة عليه ، وفيها سب له وتعيير إلى يوم القيامة ، مع قلة أوليائه وكثرة أعدائه ؛ إذ فيه خوف هلاكه ـ إلا برب العالمين.
ومعنى آخر : أنه ـ عليهالسلام ـ كان موصوفا بحسن العشرة وإجمال الصحبة مع الأجانب ؛ فما ظنك بالعشيرة والأقارب مع ما أنه كان متنزها عن الفحش فى (٤) جميع أوقاته ؛ فما جاز له هذا إلا بالأمر من الله تعالى ؛ فدل ذلك على نبوته ورسالته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) :
قال بعضهم (٥) : أي : كانت حمالة النميمة والحديث بين الناس ، فأوعدها الله ـ
__________________
(١) أخرجه النسائي (٧ / ٣٤١) ، والبيهقي (٢١٣٧) ، وأحمد (٦ / ٣١).
(٢) في ب : فيهم.
(٣) في أ : إخراجهم.
(٤) في ب : من.
(٥) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٨٢٧٥ ، ٣٨٢٧٨) ، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٧٠٢) وهو قول عكرمة ، وقتادة ، وسفيان.