التسمية ممن لا يحتمل طوقه إلا بها ؛ لكن على ما يقرب إلى الأفهام المراد في التفوه به.
وقال قوم : (اللهُ) هو المعبود في لسان العرب لا على الاستحقاق ، لكن على وضع ذلك كذلك ؛ دليله تسميتهم كل من عبدوه وكل شيء عبدوه : إلها ، وإن كان جميع ما سوى إله الحق ممن عبد لا يحتمل شيئا من تلك المعاني التي زعم من ادعى الاشتقاق عنها من الاحتجاب ، أو الالتجاء إليه ، ونحو ذلك ؛ فثبت أنه اسم موضوع للمعبود.
وعلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [الفرقان : ٤٣] ، أي : معبوده ما يهواه ، لا أن للهوى شيئا من ذلك ؛ [فيكون المعبود الحق هو الله ـ تعالى ـ لما له في كل شيء أثر عبودة ذلك](١) الشيء ودلالة الربوبية له عليه سبحانه فهو المعبود بذاته ، بمعنى المستحق بذاته العبادة من جميع خلقه والاستسلام له والخضوع بما ذكرت من الموضوع في كل آية ذلك ، ولا قوة إلا بالله ، وهذا تحقيق ما ذهبنا إليه أنه خالق بذاته ؛ رحمان رحيم بذاته ، موصوف به في الأزل ، وإن كان الذي وصل إليه أثر رحمته وفيه ظهور دلالة تدبيره حدث بعد أن لم يكن على ما كانت العبادة والاستحقاق كان ممن حدث وفيمن كان بعد أن لم يكن ، وهو إله لم يزل ولا يزال.
وعلى ذلك قوله ـ عزوجل ـ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ٤] و (رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٦٤] ، وإن كان من الأشياء ما سيكون ، لا أنها كانت كائنة ، وكذلك يوم الدين ؛ فعلى ذلك أمر «خالق» ، ونحو ذلك ؛ ومن هذا الوجه أنكر قوم أن يكون الإله اسم معبود في الحقيقة ، أو اسما مشتقا عن لسان ؛ إذ هو لم يزل إلها ، ومن به العبادة أو عنه الاشتقاق حادث.
والأصل عندنا : ما ذكرنا : أنه بجميع ما وصف به وصف بذاته ؛ إذ لا يحتمل التغير والاستحالة ، ولا نيل مدح بغير ممدح ، وإنما يمدح به لذاته : لأنه استحق من كلّ ذلك لوقت كون ذلك ، وعلى ذلك القول ب «العالم» و «القادر» : أنه كذلك ، وإن كان الذي علمه ممن (٢) سواه وكل مقدور عليه حادث بعد أن لم يكن ، ولا قوة إلا بالله.
وقال الضحاك : الله اسمه الأكبر ؛ لأنه يبتدأ به في كل موضع.
ثم اختلف في معنى الاشتقاق :
فمنهم من يقول : أصله : إله ، من أله الرجل إلى آخر ، أي : التجأ إليه واستجاره ؛ فآلهه ، بمعنى : أجاره وآمنه ؛ فسمي : إلها على وزن الفعال ؛ كما يسمى : إماما ؛ لما يؤتم
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : من.