بالحوائج.
وظن قوم : أنه إذا نفى عنه الجوف ثبت أنه مصمت ، وذلك معنى اجتماع أجزاء تتداخل فتتكاثر كذي الجوف هو اجتماع أجزاء تتفق ، فإذا تحقق التنزيه عن أحد الوجهين تحقق التنزيه عن الوجه [الآخر](١) ؛ ففي الوجهين نفي (٢) الوحدانية ، وتحقيق ازدواج الأجساد مع ما قد ينفى عن أشياء أمور لا تحقق لها المقابلة ؛ كما ينفى عن الأعراض : السمع والبصر والعلم ، لا على إثبات مقابلتها بما علموا أن الأعراض لا تحتمل الإعراضات ؛ فعلى ذلك العلم بوحدانية الله ـ تعالى ـ والتنزيه عن احتمال الأزواج يحقق القول الذي ذكرت.
وقد قيل في الصمد : إنه الدائم ، وذلك ـ أيضا ـ يرجع إلى ما ذكرت : أنه لا يحتمل التغير والاستحالة وإصابة أثر الحاجة ، وهو المصمود إليه بالحوائج.
وقد قال قائل في التأويل الأول :
لقد بكر الناعي بخيري بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد |
ويقال : صمدت إلى فلان ، أي : قصدت إليه ، وهذا يوضح معنى الصمد : أنه يصمد إليه في الحوائج.
وقيل في ذلك : إن الصمد تأويله : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
قال الشيخ أبو منصور ـ رضي الله عنه ـ : الأصل : أنه ـ تعالى ـ عظم القول بالولاد ما عظم بجعل الشركاء ؛ وذلك أن معنى الولاد : أن يكون بجوهر من له ولد ؛ فيكون بذلك شريكا ، وذلك ينفي التوحيد ؛ فعلى ذلك القول بالولاد ؛ لذلك عظم القول به ، وألزم على من عرفه بالأدلة القول ببراءته عن الولاد ؛ كما ثبت الاشتراك من الوجه الذي بينا ، وقد شهد العالم بكليته بحق الخلقة على أنه ـ تعالى ـ منشئه عن الشركاء والأشباه جميعا ؛ فيبطل القول بالذي ذكرنا ، مع ما كان جميع الخلائق على الإشارة إلى كل منه يحتمل الازدواج ، ومنه يكون التوالد ، والله تعالى متعال عن ذلك.
وبعد : فإن [كلام العالم](٣) على الإشارة إلى آحاد متولد عن غير ، أو يتولد منه غير ، وهما أمران راجعان إلى ما عليه حق هذا العالم ، وعليه موضوعهم ؛ وقد ثبت تعاليه عن
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : ففي.
(٣) في ب : كلّا من العالم.