الاستواء المضاف إلى الخلق لو لا ضعف اعتقادهم وجهلهم بصانعهم في التحقيق.
ثم الأصل أن ينظر في الأسماء التي هي أسماء الأفعال المشتركة فيما بين الخلق إذا أضيف شيء منها إلى الله تعالى ، فنعرضها على الأسماء التي هي أسماء الأفعال المخصوصة لله تعالى ، فما أريد بالاسم المخصوص من ذلك ، فذلك المعنى هو المراد بالاسم المشترك ؛ فالاسم المخصوص لفعل الله تعالى هو الخلق ، إذ لا أحد من الخلائق يسمي أحدا من الخلائق : خالقا ، فيفهم بقوله (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) أي : اخلق لي ، ويفهم بقوله : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) الخلق والإنشاء ، والذي يبين أن الأسماء [المشتركة يجب عرضها على الأسماء](١) المخصوصة ويفهم بها (٢) ما يفهم بالأخرى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] ومعناه : هو الذي خلق سيركم في البر والبحر ، وقال : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [غافر : ٦٨] ، يعني : هو الذي يخلق الموت والحياة ، وقال : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) [الرعد : ٢٧] أي : يخلق الضلال (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [يونس : ٢٥] ، أي : يخلق هدايته ، ومن حمل الأمر على ما ذكرنا سلم من الشبه كلها ووسواس الشيطان ، وسلم من التشبيه ، والله الموفق.
وفي هذا دلالة إيمانها بالبعث [والحساب.
ثم](٣) من الجائز أن تكون وصلت إلى علم البعث والحساب بالتلقين ، أو بنظرها وتفكرها في الحجج والبراهين.
وذكر أهل التفسير أنها قالت ذلك عند ما عذبها فرعون ، واختلفوا في صفة العذاب من أوجه ، وحق مثله الإمساك عنه ، وألا تشتغل بتفسيرها ؛ لما يتوهم من وقوع زيادة فيها أو نقصان على القدر الذي بين في الكتب المتقدمة ، وهذه الأنباء جعلت حججا لرسالة نبينا ـ عليهالسلام ـ على أهل الكتاب لما وجدوها موافقة للأنباء التي ذكرت في كتبهم ، وإذا وقع فيها زيادة أو نقصان وجدوا فيه موضع الطعن في رسالته ؛ فلهذا المعنى ما يجب ترك الخوض فيها والإعراض عن ذكرها.
[وذكر عن الحسن وغيره](٤) أنه قال : ما من مؤمن ولا كافر إلا وبني له بيت في الجنة ، فإن مات على الإسلام سكن البيت ، وإن قبض كافرا ورثه غيره.
وهذا لا يحتمل ؛ لأن الله ـ تعالى ـ إذا علم أنه يموت على الكفر فهو يبني له ذلك
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : منها.
(٣) في أ : سوى.
(٤) في ب : وذكر عن جماعة وعن الحسن.