امرأة لوط هي (١) أن أخبرت قوم لوط بشأن أضيافه.
ولكن إن كان هذا صحيحا ، فهو يرجع إلى الأول ؛ لأن الذي حمل كل واحدة منهما على الإخبار بما أخبرت موافقتها أولئك القوم وخلافها لزوجها في الدين ، ولا يجوز (٢) أن نشهد بهذا إلا بتواتر جاء.
وذكر بعضهم : أنهما زنيا ، فخيانتهما زناهما ، وهذا غير ثابت ؛ لأن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ عصموا عما يوجب عليهم العار والشنار ، والزوج يعير بزنى زوجته وفراشه ، وفيه توهم التهمة في أولادهم ؛ فدل أن هذا التأويل غير صحيح ، وحاجتنا إلى وجود الخيانة منهما دون التفسير ، ولا يجب أن نشهد بهذا إلا بتواتر جاء مزيدا في الحجة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ).
وجه ضرب (٣) المثل بها هو أن يعلم المقهور تحت أيدي الكفرة أن لا عذر له في التخلف عن الإيمان بالله تعالى ؛ إذ كانت امرأة فرعون مقهورة تحت يديه ، وكانت بين ظهراني الظلمة ، ولم يمنعها ذلك عن الإيمان بالله ـ تعالى ـ وعن التصديق [برسوله موسى](٤) ـ عليهالسلام ـ.
والثاني : أنها لم تشاهد من زوجها ومن القوم الذين بين ظهرانيهم سوى الكفر بالله تعالى ، ثم الله تعالى بلطفه ألهمها الإيمان به فآمنت ، وكانت امرأة نوح ـ عليهالسلام ـ تحت نوح ولم تشاهد منه سوى الطاعة والعبادة لربه ـ جل وعلا ـ ثم لم ينفعها إيمانه وعبادته ؛ ليعلم أنه لا ينفع أحدا إسلام أحد ، ولا يضر أحدا كفر غيره ، وإنما يصير مؤمنا بفعل نفسه كافرا بفعل نفسه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ).
وهي لم ترد بقولها : (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً) بقيام الوجه الذي عرفت بناء زوجها وغيره من الخلائق ، وإنما أرادت بقولها : (ابْنِ لِي) ، أي اخلق لي بيتا في الجنة ولذلك لم يفهم أحد من قوله (٥) : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) ما فهم الخلق من النفخ في الأشياء ، وإنما فهموا به الخلق والإنشاء ، فما بال المشبهة فهموا من قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [البقرة : ٢٩] ، ومن قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤] ما فهموا من
__________________
(١) في ب : هو.
(٢) في أ : فلا يجب.
(٣) في أ : صرف.
(٤) في ب : بموسى.
(٥) في أ : أحدا بقوله.