بل ألهم إله غير الله يعينهم ويحرسهم ويملى عليهم تلك الأباطيل؟! سبحان الله وتعالى عما يشركون!!
هؤلاء الناس قد ناقشهم القرآن نقاشا معقولا ، وأقام عليهم الحجة ، وألزمهم البرهان ومع هذا فهم لا يؤمنون ، وإن يروا قطعة عظيمة من السماء ساقطة ليعذبهم يقولوا من فرط عنادهم وطغيانهم : هذا سحاب تراكم بعضه على بعض ، جاء يمطرنا بالخير والبركات ولم يصدقوا أنه سحاب ساقط عليهم من السماء لعذابهم. وهكذا الإنسان المغرور.
وإذا كان الأمر كذلك ، وقد لزمتهم الحجة وظهروا بمظهر المعاند المجادل بالباطل فذرهم غير مكترث بهم ، ولا يهمنك أمرهم حتى يلاقوا يومهم المشهود ، اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون ، يوم الصواعق والشدائد ، اليوم الذي لا يغنى عنهم كيدهم ولا مكرهم شيئا من الإغناء.
وإن للذين ظلموا أنفسهم وغيرهم هؤلاء عذابا دون ذلك يأخذونه في الدنيا ، وليس لهم ما يخفف عنهم أو يسليهم أو يريح ضمائرهم أو يقوى عزائمهم كالمؤمنين المصابين في الدنيا ، إذا لنا العزاء والتسلية والصبر وحسن الأجر ، ورضا الرب الجليل كل ذلك يخفف عنا ما يصيبنا ، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.
ما مضى كان في شأن الكفار المعاندين الذين وقفوا من النبي موقف العناد والطغيان لم يسمعوا لحجة ، ولم يلتفتوا لبرهان ، بل ظلوا سادرين في غلوائهم مغرورين بقوتهم وبدنياهم ؛ أما أنت أيها الرسول الكريم فاسمع لنصيحة ربك وأنت خير من يعمل بها واصبر لحكم ربك ، فكل ما يحكم به ويقدر فهو خير ورحمة ، وإن كان فيه ألم وتعب فإنك أيها الرسول في كلاءة ربك وحفظه وعنايته ، والله عاصمك من الناس ومؤيدك ومبلغك ما تصبو إليه نفسك الشريفة ، وما عليك إلا الرضا بالقضاء وأن تسبح ربك حين تقوم لأى عمل من الأعمال ، فسبحه في جوف الليل حيث يسكن الناس وينامون ويبقى الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، وسبحه في إدبار النجوم ، أى : قبيل الفجر عند مغيبها حيث تصحو النفس نشيطة صافية من الأكدار.
اللهم وفق كل من يعمل لنشر دينك واستقرار دعوتك إلى العمل الصالح باتباع نصائح القرآن ، وتتبع سيرة إمام الأنبياء وخاتم المرسلين.