وعن عيسى الغفاري : أنه لما تمنى الموت روي له الخبر ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) إلى آخره. فقال : «أخاف أشياء ، سمعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يتخوفهن على أمته».
وعن أبي هريرة (١) : والذي نفس محمد بيده ليأتين على الناس زمان يكون الموت أحب إلى العلماء من الذهب الأحمر ، حتى يأتي الرجل قبر أخيه فيقول : يا ليتني [كنت] (٢) مكانك).
وعن الثوري : كنت أرى مشائخنا يحبون الموت ، فكنت أعجب منهم ، حتى صرت الآن أعجب ممن لا يحب الموت.
ثم اختلف العلماء في التمني ، فقال أبو علي ، واختاره الحاكم ، والزمخشري وحكاه الحاكم عن أهل اللغة ، والنحو : أنه من قبيل الأقوال ، وقال أبو هاشم : إنه معنى في القلب ، فيلزم على القول الأول ، وهو قول الأكثر أنه لو أحب الموت ، وأراده بقلبه ، ولم يتمن بلسانه أنه لا يكره.
وقد ورد في الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الموت تحفة المؤمن) (٣) أنشد في النهاية لابن الأثير (٤) :
__________________
(١) أبو هريرة هو : عمرو بن صخر ، أبو هريرة الدوسي ، اختلف في اسمه اختلافا كثيرا طويلا ، أشهرها ما ذكر ، أسلم عام خيبر ، سنة سبع ، وكان عريف مساكن الصفة ، وكان يلازم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ملازمة كثيرة ، قالوا : فلهذا كان أكثر الصحابة رواية ، قال الشافعي : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ، قال المنصور بالله : وكان كثير الرواية في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام ، وتولى إمارة المدينة مدة ، أيام معاوية ، توفي سنة سبع ، أو تسع وستين ، عن ثمان وسبعين سنة ، بالعقيق ، وقيل : بالمدينة.
(٢) ما بين القوسين ساقط في أ ، وثابت في ب.
(٣) روي في جامع الأحاديث ضمن الحديث رقم ٢٣٧٣٦. ٦ / ٧١٦ عن جابر.
(٤) النهاية : كتاب لابن الأثير ، والشاعر : هو ابن الرومي ، ويروى البيت الأخير (فيه أمان لقائه بلقائه .. الخ) وابن الرومي : هو علي بن العباس بن جريج ، أو جورجيس الرومي ، شاعر كبير ، من طبقة بشار ، والمتنبي ، رومي الأصل ، كان جده من موالي بني العباس ، ولد ونشأ ببغداد ، ومات فيها مسموما ٢٢١ ـ ٢٨٣ ه.