المسجد عن الصلاة ، فإنه لا يعود ملكا ، ولا يجوز بيعه عند أكثر العلماء ، لأن الموضع يصلح للصلاة ، وقال الناصر : يعود ملكا ، وقال سفيان الثوري : إذا خرب المسجد والبلد ، فإن المسجد يباع ، ويبنى بثمنه مسجد آخر في محلة عامرة ، وقد يحكى عن القاسم ، والوافي نقله (١).
وحجتهم أن بيت المال لما سرق نقلت الصحابة المسجد إلى قربه ليحتفظ ، وهذه الرواية ذكرها في التقرير عن الطبري (٢).
والاستدلال بالآية محتمل للمنع ؛ لأنه يجوّز الصلاة في المستقبل ، فلو جوّزنا البيع كان ذلك منعا للذكر والصلاة في الاستقبال.
الفرع الثاني : إذا خرب البلد فلم يؤمن على أبواب المسجد ، وحصره ، ونحو ذلك ، فقال المنصور بالله : لا يجب على المتولي رفعه (٣) ، ولو أخذه الفاسقون ، ولو تركت الطاعة لأجل المعاصي ما أطيع الله في أكثر الأحوال.
وقال الإمام يحي بن حمزة عليهالسلام (٤) : تؤخذ أبوابه وأخشابه لمسجد آخر ، وإن بيعت وصرف ثمنها في المصالح جاز ؛ لأن بقاء الأبواب والأخشاب تتلف بالشمس والريح ، وقد نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن إضاعة المال.
__________________
(١) وقواه في البحر ، وهو قوي.
(٢) محمد بن جرير أبو جعفر الطبري ، العلامة المحدث ، المفسر ، أجمعوا أن تفسيره أحسن التفاسير ، وهو مسند في مجلدات ، وله في خبر الغدير مؤلف مشهور ، وله غير ذلك ، كان في مشائخ الحديث المرجوع إليهم في تصحيح الأحاديث ، وله التاريخ المشهور ، قال ابن خزيمة : ما أعلم على وجه الأرض أعلم منه ، توفي سنة ٣٠٩ ه.
(٣) مع تعذر حفظه ، وأما مع الإمكان للحفظ فهو الواجب ، ولا يخالف المنصور بالله في ذلك.
(٤) وهو قوي ، والعمل عليه. (ح / ص).