وقيل : كان ذلك في رجب بعد زوال الشمس ، قبل (١) قتال بدر بشهرين ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مسجد بني سلمة ، وقد صلى بأصحابه ركعين من صلاة الظهر ، فتحول في الصلاة ، واستقبل الميزاب ، وحول الرجال مكان النساء ، والنساء مكان الرجال في المسجد مسجد القبلتين.
ويتعلق بهذه الآية الكريمة أحكام.
الأول : كون الكعبة قبلة ، وذلك مراد في الآية بقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهو مجمع عليه ، ومعلوم من الدين ضرورة لكن يتعلق بهذا الحكم فوائد :
الأولى : ما المراد بالوجه في قوله : (فَوَلِّ وَجْهَكَ)؟ وجوابه : أن الوجه المراد به المواجه من الإنسان ؛ لأن بذلك يظهر الاستقبال.
وقيل : الوجه : عبارة عن النفس ، ومنه قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] وقوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) [الرحمن : ٢٧] أي : ربك ذو الجلال ، فعلى هذا لو كان المصلي وجهه إلى الكعبة ، وسائر جسمه إلى غير الكعبة لم تجره صلاته.
وقال الفقيه يحي بن أحمد حنش : يجزي لظاهر الآية ، فإنه تعالى اعتبر الوجه ، وضعف بأنه لم يرد العضو المخصوص ، ولو صلى إلى بعض الأركان ، واستقبله ببعض البدن ، وبعض البدن إلى غيره قيل : لأصحاب الشافعي قولان : اختار الإمام يحي عليهالسلام أنها لا تصح (٢) ، والآية الكريمة تدل على عدم الصحة ؛ لأنه لم يول وجهه كله.
الفائدة الثانية : ما المراد بالشطر المذكور في قوله تعالى : (شَطْرَ
__________________
(١) في ب (بعد قتال بدر) وهو غلط لأن بدرا كانت في رمضان. ومثله بلفظه في الكشاف.
(٢) الصحيح أن العبرة بالوجه مع المواجهة. (ح / ص).