المستقبل ، وترك المعاصي ؛ لأنه قد فسر قوله : (وَأَصْلَحُوا) بذلك ، وقيل : أصلحوا من كانوا أفسدوه ممن لا علم له (وَبَيَّنُوا) يعني : أظهروا صفته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقيل : بينوا التوبة ، وإصلاح السريرة ، ليمحوا سمة الكفر عنهم.
وهذا حكم رابع : أن إظهار التوبة واجبة ؛ لزوال التهمة ، فتجب إلى من عرف معصيته ، ولو كانت التوبة من قول فاحش في الغير تاب إليه إن بلغه ، فإن لم يبلغ تاب إلى من سمعه ، ليزيل التهمة عن نفسه ، وعن المشتوم ، ولا يخبر المغتاب ، فيكون جرحا لصدره ، خلافا لما ذكره في الأذكار (١) ، وفيه نظر.
وفي صحة التوبة من ذنب مع إصراره على ذنب آخر خلاف ، فالذي ذهب إليه واصل بن عطاء ، والحسن البصري ، وجعفر بن مبشر ، وجعفر بن حرب (٢) ، وأبو هاشم ، وهو الذي روي عن علي عليهالسلام ، والقاسم بن إبراهيم (٣) أن ذلك لا يصح ؛ لأنه يلزم التوبة من القبيح لقبحه ، وهو يشبه الإعتذار ، وقد ثبت أن من قتل ولدين لغيره ، أحدهما أكثر برا بأبيه فاعتذر من قتل الأبر لم يكن اعتذارا صحيحا ، وكذا لو قال قائل : لا آكل هذا الطعام ؛ لأنه مسموم ، ثم علمنا أنه أكل طعاما آخر مسموما كان كاذبا.
__________________
(١) لأصحاب الشافعي. (ح / ص).
(٢) جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي ، من معتزلة بغداد ، قال المتوكل على الله : هو من شيعة المعتزلة المفضلين لعلي عليهالسلام ، قال السيد أبو طالب في الإفادة لما حج جعفر بن حرب دخل على القاسم عليهالسلام ، فجاراه في دقيق الكلام ولطيفه ، فلما خرج من عنده قال : أين يتاه بأصحابنا عن هذا الرجل ، والله ما رأيت مثله ، قال الإمام المهدي عليهالسلام : وله في كتب الكلام كتب كثيرة مثل كتاب الإيضاح ، ونصيحة العامة وغيرهما ، وفاة جعفر رحمهالله سنة ٢٣٧ ه.
(٣) وجعفر الصادق ، ووالده محمد بن علي الباقر حكاه الإمام المهدي عليهالسلام واختاره.