إنها على الحظر ، لأنه تصرف في ملك الغير ، ويجوز أنه تعالى خلق ذلك ليصبر المكلف عن تناوله فيثاب.
واختلف المفسرون في هذا الأمر فقيل : المراد به الإباحة ، وإن كان صيغته الأمر ؛ لأن المشتهى لا يدخل في التعبد (١) ، ذكر ذلك القاضي ، وقيل : هو أمر
إيجاب بأكل الحلال وقت الحاجة دفعا للضرر عن النفس ، واعترضه القاضي بأن الآية مطلقة ، وهذا مفيد بحالة الإضطرار ، والطيب : هو المستلذ المشتهى ، وقيل : هو الحلال ، وردّ بأن الرزق لا يكون إلا حلالا (٢) ، فإذا حمل الطيب على الحلال كان ذلك تكرارا.
الحكم الثاني : وجوب شكر الله تعالى.
قال الحاكم : وذلك يكون بالقلب ، واللسان ، فأما أفعال الجواح كالعبادات ، فقال أبو مسلم : إنه من الشكر ، وقيل : هو مشبه بالشكر من حيث إنه يجب لمكان النعم العظيمة ، فأما بالقلب ، وهو الاعتراف ، وترك الجحود له ، فذلك واجب على كل حال ، وأما باللسان فيجب ذلك عند التهمة.
وقد اختلف الأصوليون : هل شكر المنعم يجب عقلا أم لا؟ فذهبت المعتزلة إلى وجوب ذلك ، وذهبت الأشاعرة إلى أنه لا يجب ، قال الحاكم : والشكر واجب على الكافر والفاسق (٣).
__________________
(١) يقال : بل قد يدخل المشتهى في التعبد ، كما قالوا في النكاح ، فإنه مشتهى ، وقد دخلته الأحكام ، كما لا يخفى فليتأمل. (ح / ص).
(٢) خلافا للمجبرة ، فعندهم كلما ينتفع به ، ولو حراما يسمى رزقا إذ هو مسماه في اللغة ، قلنا : هو ما ينتفع به ولا تبعة عليه فيه. (ح / ص).
(٣) إذ هو عقلي.