قلت : لأن الشحم داخل في ذكر اللحم ، لكونه تابعا له وصفة فيه ، بدليل قولهم : لحم سمين يريدون أنه شحيم (١). تم كلامه.
وأما مسألة الأيمان إذا حلف من اللحم ، أو من الشحم فالمتبع في ذلك العرف.
ومنها : نجاسة الخنزير ، وذلك إجماع ، إلا رواية لمالك ، وقد يحتج بهذه الآية على النجاسة ، وفي ذلك ما تقدم (٢) ، ويحتج بقوله تعالى في سورة الأنعام : (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام : ١٤٥] ويدخل في ذلك شعره ؛ لأن الهاء ضمير ، ومن حقه أن يرجع إلى أقرب مذكور ، وهو الخنزير والشعر جزء منه ، هذا ما حصل لمذهب الهادي عليهالسلام ، وهو قول الشافعي ، ولا يجوز استعماله ، وعند أبي حنيفة : يجوز استعماله للأسكافية ، وإن كان نجسا.
وقال الناصر ، ومحمد بن الحسن (٣) : إن شعره طاهر ؛ لأن الحياة لا
__________________
(١) شرح الإبانة للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الهوسمي ، والإبانة للإمام الناصر الأطروش عليهالسلام
(٢) في أول تفسير الآية ، وهو أن النجاسة تفتقر إلى دليل غير الآية. (ح / ص).
(٣) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني بالولاء ، الفقيه الحنفي ، أبو عبد الله ، أهله من قرية بغوطة دمشق ، ولد بواسط ، ونشأ بالكوفة ، وحضر مجلس أبي حنيفة سنين ، ثم تفقه على أبي يوسف ، وصنف الكتب الكثيرة منها : الجامع الكبير والصغير ، وجمع موطأ مالك ، وعده المنصور بالله من رجال العدلية ، قال : وهو الذي غضب لله في أمر يحي بن عبد الله لما أراد الرشيد نقض أمانه ، قال : هذا لا ينقض ، ومن نقضه فعليه لعنة الله ، فرماه الرشيد بالدواة فشجه ، وكان يقول محمد : أنا على مذهب زيد بن علي مهما أمنت على نفسي ، فإن خفت فإني على مذهب أبي حنيفة ، وهذا تصريح بتفضل العنصر النبوي ، توفي رحمهالله بالري سنة ١٨٩ ه ومولده سنة ١٣٥ ه وقيل غير ذلك ، ويوم موته مات الكسائي علي بن حمزة ، وكان يقول الرشيد : دفن الفقه والعربية في يوم واحد.