يحي (١) عليهالسلام : من سافر سفرا لمعصية لا يجوز له الميتة ، وإن خشي على نفسه ؛ لأنه باغ في سفره ، ومذهبنا الجواز ، كالمتيمم عند عدم الماء في سفر المعصية ، ولأن السفر لم يتقدمه ذكر ، وإنما البغي يرجع إلى المحرم ، وهو الأكل ، ولإجماعهم أنه يقتل الجمل الصائل عليه لدفعه عن نفسه ، وإن كان باغيا في السفر ، كذلك أكل الميتة.
الفرع الثالث
أنه لا يجوز للمضطر الشبع من الميتة ؛ لأنه إذا أكل قدر ما يقيم نفسه كان غير مضطر ، وهذا هو مذهبنا ، وأبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي.
وقال في قوله الآخر ، ومالك : يجوز الشبع ؛ لأن الإباحة راجعة إلى الجميع
واختار في الانتصار : أن الحاضر لا يزيد على سد الرمق ، ويجوز ذلك للمسافر ؛ لأنه لا يرجو وجود غيرها.
الفرع الرابع
إذا خشي على نفسه الهلاك إن لم يأكل الميتة ، هل يكلف بأكلها؟ ويجب عليه ذلك أم لا؟ فالذي ذكره الشيخ أبو جعفر أنه يجب عليه (٢) ،
__________________
(١) أحمد بن يحي الهادي بن الحسين الحافظ بن القاسم ترجمان الدين ، الحسني ، الهاشمي ، أبو يحي الإمام الناصر ، قال السيد : نشأ على الزهادة ، وتربى على العبادة ، وكان سلطان الأئمة ، وإمام السلاطين ، ورافع منار الدين ، أخذ العلم عن ابيه ، عن جده ، وعنه ولده يحي ، وكان رجوعه من الحجاز سنة ٣٠١ ه وفيها ادعى ، وكانت وقعة بغاش سنة ٣٠٧ ه وله مصنفات ، وله مع القرامطة جهاد كثير ، ولم يزل ناعشا للدين ، قامعا للمعتدين حتى توفي بصعدة سنة ٣٢٥ ه ودفن جنب أبيه ، في القبة المعروفة. رحمهالله تعالى.
(٢) وهو مفهوم كلام الإمام المهدي في مختصره ، ومفهوم (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، وفي النيسابوري (ومعنى قوله (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) رفع الحرج والضيق ، كما مر في قوله ـ