إذا كان معه داء إن لم يأكل النجس أو الميتة امتد به وصار مخوفا ففي الجواز تردد ، المختار جوازه : لأنه كخشية التلف ، فإن كان الداء (١) يطول ، وهو غير مخوف ، كحمى الربع لم يجز ، وقد يحتج للجواز للتداوي بإباحته صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبد الرحمن بن عوف (٢) لبس الحرير للحكة.
ويحتج للمنع بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما يحرم عليها).
الفرع الثاني : في بيان الباغي ، والعادي المذكور في الآية ، ففسر أبو حنيفة ذلك بأن لا يكون باغيا في التلذذ ، ولا عاديا في مجاوزة ما يسد رمقه.
قال المؤيد بالله : وهو الذي يقتضيه مذهب يحي عليهالسلام : وهذا تفسير الحسن ، وقتادة ، والربيع ، ومجاهد ، وابن زيد.
وقال الزجاج : (غَيْرَ باغٍ) في الإفراط (وَلا عادٍ) في التقصير ، وقيل : (غَيْرَ باغٍ) على إمام المسلمين (وَلا عادٍ) بالمعصية ، أي : مخالف لطريقة المحقين ، وهذا مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير ، وصحح الحاكم الأول.
وقال الناصر ، وزيد بن علي ، والشافعي ، وأحمد بن
__________________
(١) في ب (فإن كان البرء يطول).
(٢) عبد الرحمن بن عوف القرشي المكي ، أحد العشرة ، أسلم قديما ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا والمشاهد كلها ، وثبت يوم أحد ، وإصابته عشرون جراحة فهتم وعرج ، وكان كثير المال ، كثير الصدقة ، دعا له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالربح ، فكان لو اتجر في التراب لربح ، توفي سنة إحدى أو ثلاث وثلاثين ، عن ٧٥ سنة ودفن بالبقيع ، وقال علي عليهالسلام لما مات : يابن عوف أدركت صفوها ، وسبقت كدرها.