بالمعروف ؛ بأن لا يعنف به ، ولا يطالبه إلا مطالبة جميلة ، وليؤد القاتل بدل الدم أداء بإحسان فلا يمطله ، ولا يبخسه ، وقيل : الإتباع بالمعروف ، والأداء بالإحسان يرجعان إلى المعفو عنه ، واختلف العلماء في الأداء المذكور في الآية ، وهو تسليم الدية هل ذلك على طريقة الوجوب على القاتل إذا عفي عنه عن القود ، أو على سبيل التراضي؟ فقال القاسم ، والهادي ، وأحد قولي الناصر ، والشافعي : إن ذلك على سبيل الوجوب ، لظاهر الآية ، ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا الدية».
وقال زيد بن علي ، وأبو علي ، وأبو عبد الله الداعي (١) ، وأبو حنيفة ، والمنصور بالله ، والثوري : إن تسليم الدية لا يكون إلا مع التراضي ، فلو عفا عنه عن القود ، فلا دية عليه ، ولو مات القاتل فلا شيئ في ماله ، وحملوا الآية على أن المراد إذا عفا بعض أولياء الدم وجب الأداء إلى الذي لم يعف.
قلنا : هذا يحتاج إلى دليل ، مع أنه يمكن الحمل عليهما معا.
__________________
(١) محمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، الحسني ، الإمام المهدي ، أبو عبد الله الداعي ، هو الإمام البارع في العلوم ، حائز منطوقها والمفهوم ، قال المنصور بالله عليهالسلام : مؤلفاته كثيرة أصولا وفروعا ، وهو من المجمع على إمامتهم ، بويع له بالإمامة بهوسم ، ثم كاتبه أهل الديلم فوصل إليهم سنة ٣٥٣ ه ثم قصد هوسم فاستولى عليه بعد محاصرة كثيرة ، وأسر مرارا ، وهو الذي أظهر في الديلم بأن كل مجتهد مصيب ، وكانت القاسمية تخطى الناصرية ، والعكس فرجعوا إلى قوله بعد مناظرات كثيرة ، ولم يزل مجاهدا ناعشا للإسلام حتى قبضه الله بهوسم مسموما سنة ستين وثلاثمائة ، وقيل : سنة ٣٥٩ ه ومن مشائخه في الفقه أبو الحسن الكرخي المار ، وفي علم الكلام أبو عبد الله البصري ، ومشهده بهوسم مشهور مزور.