وقيل : الضمير يرجع إلى ولي المقتول ، والأخ هنا المقتول ، أي فمن أعطي له الدية عن أخيه الذي هو المقتول ، وهذا مروي عن مالك ، وعلي بن موسى القمي (١) ، ويكون العفو هنا بمعنى الإعطاء.
وقيل : إن المراد : فمن عفا له ولي الدم ، أي : أعطى بقية ما يجب مع القود ، وهذا مروي عن السدي ، وهو بناء على قول أهل التراجع مع القصاص بين الرجل والمرأة ، فيكون الضمير في أخيه إلى وارث المقتول الثاني ، وهو ضعيف كما تقدم.
قال القاضي : والأول أولى ؛ لأن ظاهر العفو السقوط (٢) ، وهو قول أكثر المفسرين ، جعل القاتل أخا مع فسقه ؛ إما لأنه أراد أخوة النسب ، كقوله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) [الأعراف : ٦٥] أو لأن القاتل قد يتوب فغلّبه على غير التائب ، أو سماه بما كان عليه قبل القتل ، و «من» للتبعيض ، أي : فمن عفي له من أخيه بعض شيء ، قال الزمخشري (٣) : وفي ذلك إشارة إلى أنه إذا عفي بعض العفو ، والعفو إما من بعض الورثة ، أو عن بعض الدم ـ تم العفو في سقوط القود.
ويحتمل أن «من» لابتداء الغاية ، أي : من جهة أخيه.
وقوله تعالى : (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) قال الزمخشري : هذا توصية للمعفو عنه ، والعافي جميعا ، يعني : فليتبع الولي القاتل
__________________
(١) علي بن موسى بن داود القمي ، فقيه حنفي ، له عدة كتب منها (إثبات القياس ، وأحكام القرآن) وتوفي سنة ٣٠٥ ه. ح / س.
(٢) السقوط للقود فقط.
(٣) لفظ الزمخشري (فإن قلت؟ : لم قيل : شيء من العفو؟ قلت : للإشعار بأنه إذا عفى له طرف من العفو وبعض منه بأن يعفى بعض الدم. أو عفا عنه بعض الورثة تم العفو وسقط القصاص ولم تجب إلا الدية) اه فتبين هنا أن الزمخشري أخذ البعضية من تنكير شيء لا من لفظ (من)