الحكم الخامس : إذا صام بعض رمضان في الحضر ، ثم أنشأ سفرا هل أن يفطر فيه أم لا؟ مذهب جماهير العلماء : له ذلك.
قال في نهاية المالكي : وعند عبيدة السلماني ، وسويد بن غفلة ، وأبي مخلد (١) أن من سافر فيه لا يجوز له أن يفطر.
وشبهتهم أنهم فهموا من قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) أن من شهد بعضه صام جميعه ، والجمهور يقولون : من شهد بعضه صام ذلك البعض ، ويؤيد تأويل الجمهور إنشاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم السفر في رمضان ، وأنه أفطر.
قال الناصر عليهالسلام : ويكره السفر في رمضان ، إلا سفرا واجبا ، كالحج والجهاد ، والهجرة ؛ لأنه ينتقص عليه من شيئ من أعمال العبادة ، قال أبو جعفر : ولا خلاف في ذلك.
الحكم السادس : متى يفطر المسافر إذا خرج من بلده قبل طلوع الفجر؟ أو بعده؟ والكلام في هذه كالكلام في قصر الصلاة ، فعند الهادي ، والناصر : إذا خرج من ميل بلده ، وعند المؤيد بالله ، والشافعي ، وأبي حنيفة إذا خرج من البيوت.
وقال عطاء : إذا نوى السفر جاز له القصر والفطر ، وعند مجاهد : إن سافر نهارا لم يجز القصر حتى يمسي ، وإن سافر ليلا لم يجز حتى يصبح ، ويأتي الفطر على قول الهادي ، والمؤيد بالله كالقصر.
إن قيل : كيف يعقل هذا الحكم من هذه الآية؟ قلنا : قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) يفيد أنه متى صار مسافرا أبيح له
__________________
(١) في بعض النسخ (مجلز) بالزاي ، وهو كمنبر ، واسمه لاحد بن حميد ، تابعي ، وأما من قال : مخلد ، بالدال فلا يعرف في الصحابة والتابعين مخلد ، وإنما ذلك غلط. (ح / ص).