معلوم ، وأما وجوب العمرة فهذة مسألة خلاف بين العلماء ، فالذي ذهب إليه القاسم عليهالسلام وهو الذي رواه في شرح الابانة عن القاسمية ، وزيد بن علي ، والحنفية ، وهو المشهور عن مالك : أنها ليست بواجبة ، وإنما هي سنة ، وهو قول الشافعي في القديم ، والنخعي ، والشعبي.
وقال الشافعي في قوله الأخير ، والناصر ، والصادق ، والثوري ، والمزني ، وأحمد ، وإسحاق : إنها واجبة ، وذلك مروي عن سعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاووس ، والسدي ، لأن الله تعالى أمر بإتمامها وإتمام الحج ، والأمر للوجوب وقد روي عن علي عليهالسلام وابن عباس ، وابن مسعود «أن إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك» فجعل الإتمام الدخول فيهما.
دليل آخر : أنه روي عن ابن عباس ، وابن مسعود أنهما قرأ (وأقيموا الحج والعمرة لله) والقراءة الشاذة كخبر الواحد ، فدل على وجوب العمرة.
دليل آخر : وهو حديث سراقة بن مالك الأشجعي ، وذلك أنه قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعمرتنا هذه لعامنا أم للأبد ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «بل للأبد» فلما سأله عن التكرار ، فهم أن فعلها ابتداء كان ثابتا ، وأجيب عن هذا بأنه قال : ذلك في عمرة القضاء ، وهي واجبة.
دليل آخر : وهو أن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله صلى الله عليك أعلى النساء جهاد؟ قال : جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة.
فأما من قال ليست بواجبة فقال : المراد بالتمام بعد الدخول فيهما ، وذلك واجب في حج التطوع ، واعتمار التطوع ، وهذا هو حمل القاسم عليهالسلام للآية ، وقد قال الحاكم : إن دليل وجوب الحج من الآية في آل عمران ، يعني قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ