قال في تعليق القاضي زيد : وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أيام منى ثلاثة» (١) فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه» وهذا التخيير ثابت إلى غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق عند عامة العلماء خلافا لما روي عن الحسن أنه قال : إلى العصر ، وبعده يلزم النفر الثاني. فأما إذا غربت الشمس وهو في منى ، فقال الشافعي : قد لزمه المبيت ، والنفر الثاني ، واختار هذا في الانتصار.
وقال أبو حنيفة : إنما يلزمه النفر الثاني بطلوع الفجر وهو بمنى. وهذا القول للشيخين أبي جعفر ، وابن أبي الفوارس وغيرهما ، وأشار القاضي زيد : أنه يلزم المبيت بغروب الشمس مع العزم على المبيت ، والنفر الثاني يجب بطلوع الفجر وهو بمنى مع العزم على الرمي (٢) ، ولعل منشأ الخلاف من فوات التعجيل بماذا يكون؟ فإذا قلنا : يبطل تعجيله بغروب الشمس لزم التأخير ، لئلا يخرج عن التعجيل والتأجيل.
وإذا طلع فجر الثالث فعند القاسمية ، وأبي حنيفة : له أن يرمي وينفر لكن يكره قبل طلوع الشمس ، لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ، ولا ترموا حتى تصبحوا» فجعلوا رمي الرابع كرمي [اليوم] الأول.
وقال مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والوافي : لا يرمي ، ولا ينفر إلا بعد الزوال ؛ لأن في رواية عائشة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أقام أيام التشريق الثلاثة يرمي الجمار حين تزول الشمس ، وقد قال : «خذوا عني مناسككم».
__________________
(١) هكذا في النسخة أ. وفي رواية ابن ماجه ، وأبي داود ، ورواية أحمد (ثلاثة أيام). ح / س
(٢) في نسخة (مع العزم على المقام).