الإحكام الإتقان ، وعلى هذا القرآن كله محكم بهذا المعنى ، وهو الإتقان في النظم ، وحسن الترتيب ، والبلاغة والفصاحة.
والمتشابه : ما يشبه بعضه بعضا ـ وهذا يلزم منه أن يكون القرآن جميعه متشابها من هذا المعنى ؛ لأنه يشبه بعضه بعضا في الفصاحة والإتقان ، وتصديق بعضه لبعض (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢].
وأما المعنى الثاني فقد ذكر في تفسير الآية وجوه ، الذي يصحح منها أن المحكم : ما اتضح معناه ، وبعد عن (١) الإحتمال ، والمتشابه : خلافه ، وهو ما خفي معناه ، واحتمل وجوها.
وقوله تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) [آل عمران : ٧] أي المحكمات أصل الكتاب ، بمعنى : أن المتشابهات ترد إليها ، وهذا كقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام : ١٠٣] محكم ، وقوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٣] متشابه فيرد إلى المحكم ، ويتأول على ما لا يخالفه ، ومثل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) [الأعراف : ٢٨] هذا محكم ، وقوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] هذا متشابه ، وقد قال ابن الحاجب : المتشابه الذي لا يتضح معناه ؛ إما لاشتراك نحو : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] أو إجمال وهذا كقوله : تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) [البقرة : ٢٣٧] أو ظهور تشبيه وهذا كقوله تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) [القمر : ١٤] وكقوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) [الذاريات : ٤٧].
وقيل : إن المحكم الذي يعمل به وهو الناسخ ، والمتشابه المنسوخ
__________________
(١) في أ (وبعد من الاحتمال).