الوقف على قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ويبتدأ بقوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) ويكون الضمير في قوله : (يَقُولُونَ) إلى بعض ما تقدم وهم (وَالرَّاسِخُونَ) لا إلى المعطوف عليه ، وهو الباري جل وعلا ، وهذا بناء على أن القرآن كله مبين ، وأن الله سبحانه لا يخاطب بما لا يعلم (١) ، وأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يمت حتى بيّن جميع ما في القرآن ، ولذلك قال تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤] ولا يجوز أن يبين ما لا يعلم (٢) ، فإذا كان عالما له فهو لا يكتم عن الأمة شيئا من العلم ؛ ولأن المفسرين لم يتوقفوا عن شيء في القرآن ، وكان ابن عباس يقول : «أنا ممن يعلم تأويله» وهذا قول الأكثر (٣).
ومنهم من قال : الوقف على قوله : (إِلَّا اللهُ) ويبتدئ بقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) بناء على أن في القرآن ما لا يعرف معناه إلا الله تعالى ، وهذا مروي عن عائشة (٤) ، وعروة بن الزبير (٥) ، ورواية عن ابن عباس ،
__________________
(١) في ب (لا يخاطب إلا بما يعلم).
(٢) في ب (ما لم يعلم).
(٣) لفظ الفصول ١٢٤ (بعض السلف وأئمتنا والجمهور) ويعلم الراسخون في العلم تأويله لوقوع الخطاب به (بعض السلف وأكثر الفقهاء والمحدثون) لا يعلمونه لعدم الخطاب به (الهادي) يعلمون منه ما يتعلق به التكليف دون غيره ك (حم عسق) ، (القاسم) وقد يطلع الله عليه بعض أصفيائه (الامامية) لا يعلمه إلا الامام كالمحكم
(٤) عائشة هي : أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بن قحافة زوج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تزوجها صلىاللهعليهوآلهوسلم ا قبل الهجرة بمكة ، وهي بنت ست ، وقيل : سبع ، وبنى بها في المدينة ، وهي بنت تسع ، وتوفي وهي ابنة ثماني عشرة ، وماتت بالمدينة سنة خمس وخمسين ، وقيل : ثمان وخمسين ، عن خمس وستين ، ودفنت بالبقيع ليلا ، وصلى عليها أبو هريرة ، وكانت من أفقه النساء ، ومن المفتين بالمدينة ، وهي من رواة الألوف.
(٥) عروة بن الزبير هو : عروة بن الزبير بن العوام الأسدي ، القرشي ، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، ولد عام ٢٢ ه وتوفي بالمدينة عام ٩٣ ه ، ولم يشارك في شيء من الأحداث.