واختلفوا هل من شرط الآمر الإرادة للمأمور به أم لا؟ فقالت المعتزلة (١) ، وأبو طالب (٢) ، والقاضي جعفر ، وغيرهم : إنه لا بد من الإرادة للمأمور به (٣).
__________________
(١) المعتزلة : هم أتباع أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال ، كان نادرة الزمان في فصاحته ، وكان يغشى مجلس الحسن ، ثم ناظره في المنزلة بين المنزلتين ، والحسن ينكرها ، واعتزل واصل ، وتبعه عمرو بن عبيد الزاهد ، فقال الحسن : ما فعلت المعتزلة فسموا بذلك ، وأرسل واصل عثمان الطويل فتبعه سواد الكوفة ، واعترضه الصادق في مسائل ، وتسببه إلى الابتداع ، ثم انقسموا إلى بصرية شيخهم محمد بن الهذيل العلاف البصري ، صاحب الجدل والمناظرات ، وبغدادية : وشيخهم أبو الحسين الخياط ، وتلميذه أبو القاسم البلخي ، شيخ الهادي عليهالسلام ، ويجمع مذهبهم القول بالعدل والتوحيد ، وتقديم أبي بكر في الإمامة ، واختلفوا في الفضيلة ، فمنهم من فضل عليا ، وهم غالب البغدادية وبعض البصرية ، ومنهم من فضل أبا بكر ، وهم غالب البصرية.
(٢) أبو طالب هو : يحي بن الحسين بن محمد بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون البطحاني الهاشمي الحسني ، الإمام أبو طالب ، الناطق بالحق ، أخو المؤيد بالله ، كانا شمس العترة ، وقمري الأسرة ، ولأبي طالب من المصنفات (المجزي) في أصول الفقه ، كاسمه ، وفي الكلام كتاب (الدعامة) في الإمامة ، وفي الفقه (التحرير وشرحه والتذكرة) وغيرها (كالأمالي) مولده سنة ٤٠٣ ه وبويع له بعد أخيه سنة ٣١١ ه وتوفي سنة ٤٢٤ ه بآمل ، وقبره مشهور مزور ، وله تخريجات على مذهب الهادي.
(٣) وقيل : الأمر يكون أمرا بالوضع ، تدل عليه الصيغة ، هذا معنى ما ذكره في غاية السؤل ، وفي فصل الارادة في شرح المقدمة للنجري في كتاب العدل (تنبيه) قال ع : لا يقع الخبر من فاعله إلا بإرادة بين إرادة إحداثه ، وإرادة كونه خبرا ، والأمر بثلاث إرادات إرادة إحداثه ، وكونه أمرا ، والمأمور به ، وقال المؤيد بالله : يكفي في الخبر إرادة واحدة ، وهي إرادة إحداثه على الصفة ، وفي الأمر إرادتان إرادة إحداثه أمرا ، وإرادة المأمور به.
(فائدة) كثير مما تقدم مبني على أن للكلام صفة بكونه خبرا أو أمرا ، ونحو ذلك ، ولعله يكفي أن تكون تلك الصفة اعتبارية ، إذ في اثباتها حقيقة نظر وخفاء ، على ما تقدم في أول الكتاب. ـ