قال الزمخشري (١) رضي الله عنه : وأدخل من التبعيضية صيانة لهم ، وكفّا عن الإسراف والتبذير المنهي عنه ، وأكد هذا بأن قدم مفعول الفعل ، كأنه قال : ويخصون بعض المال.
فإن قيل : هذا معارض لقوله تعالى في سورة الحشر : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) [الحشر : ٩] قلنا : قد جمع بينهما بأنه إن وثق من نفسه بالتعفف عن السؤال فالإيثار أفضل ، وإن لم يثق نهي عن
__________________
(١) محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري ، من هو بأحسن النعوت حري ، أبو القاسم المعتزلي ، صاحب التصانيف الزاهرة ، والتآليف الفائقة الباهرة ، المحقق الكبير في الحديث والتفسير ، والنحو ، واللغة ، والمعاني ، المتفرد في فنونه بلا ثاني ، منها : الكشاف ، والمحاجاة بالمسائل النحوية ، والمفرد ، والمركب في العربية ، والفائق في غريب الحديث ، وأساس البلاغة ، وربيع الأبرار ، ونصوص الأخبار ، ومتشابه أسامي الرواة ، والنصائح الكبار ، والنصائح الصغار ، وضالة الناشد ، والرائد في علم الفرائض ، والمفصل في النحو ، وشرحه خلق كثير ، والأنموذج ، والمفرد والمؤلف ، ورؤوس المسائل الفقهية ، وشرح أبيات سيبويه ، والمستقصى في الأمثال الغريبة ، والبدور السافرة في الأمثال السائرة ، وديوان التمثيل ، وشقائق النعمان في حقائق النعمان ، وشافي العي من كلام الشافعي ، والقسطاس في العروض ، ومعجم الحدود ، والمنهاج في الأصول ، ومقدمة الأدب في اللغة ، وديوان الرسائل ، وديوان الشعر ، والرسائل الناصحة ، والأمالي الواضحة في كل فن ، والمقامات خمسون مقامة ، ونوابغ الكلم وغير ذلك ، ولادته يوم الأربعاء ٢٧ رجب سنة ٤٦٧ ه بزمخشر ، وجاور بمكة ، وصاحب الإمام عليّ بن عيسى بن حمزة بن وهاس ، ودخل بغداد ، واتفق بالإمام أبي السعادات الحسني الشجري النحوي ، وأطنب فيه من ترجم له ، فقد تحمل مقالة أهل العذل ، وجرد سيف الجدال لنفاة العدل والعقل ، وله شعر كثير منه قوله في ترثية شيخه أبي مضر ، واسمه محمود بن جرير الطبري.
وقائلة ما هذه الدرر التي |
|
تساقط من عينيك سمطين سمطين |
فقلت هو الدر الذي كان قد حشى |
|
أبو مضر أذني تساقط من عيني |
وله من البديع ما يكثر ، توفي بجرجانية خوارزم ، ليلة عرفة سنة ٥٣٨ ه.