الإضافة في الثاني بمعنى من دون الأول ، ولذا اشترطوا في الإضافة بمعنى من كون المضاف إليه جنسا للمضاف وصادقا عليه كخاتم فضة (١).
نعم ، ربما يوجه ذلك بأن المراد حاصل المعنى ، فإنها وان كانت بمعنى اللام لكن مؤداها مؤدى «من» التبعيضية ، أو أن الكتاب القرآن يطلق على البعض كالكل ، فالفاتحة جزئي له لا جزء منه ، فتكون الإضافة كخاتم فضة ، لكنه لا يخلو من تكلف ، بل قد يقال : إن «من» التبعيضية لا تكون للإضافة أصلا فتأمل.
وعلى كل حال فإنما سميت بها لأنه يفتتح بها المصحف ، والتعليم ، والقراءة في الصلاة ، بل قيل : إنها أول كل كتاب أنزل.
والإختصاص المستفاد من قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (٢) محمول على المجموع لا كل من الآيات ، وقد ورد في الخبر (٣) :
«أنه ما نزل كتاب من السماء إلا أوله بسم الله الرحمن الرحيم» (٤).
__________________
(١) قال الآلوسي البغدادي : (الكتاب) هو المجموع الشخصي وفتح الفاتحة بالقياس إليه لا إلى القدر المشترك بينه وبين أجزاءه ، وهو متحقق في العلم أو اللوح أو بيت العزة ، فلا ضير في اشتهار السورة بهذا الاسم في الأوائل ، والإضافة الأولى من إضافة الاسم إلى المسمى وهي مشهورة ، والثانية بمعنى اللام كما في جزء الشيء لا بمعنى من كما في خاتم فضة لأن المضاف جزء لا جزئي قاله شيخ الإسلام أبو السعود ، وهو مذهب بعض في كل ، وقال ابن كيسان والسيرافي وجمع : إضافة الجزء على معنى (من) التبعيضية ، بل في اللمع وشرحه : إن (من) المقدرة في الإضافة مطلقا كذلك من غير فرق بين الجزء والجزئي ، وبعضهم جعل الإضافة في الجزئي بيانية مطلقا ، وبعضهم خصها بالعموم والخصوص الوجهي كما في المثال ، وجعلها في المطلق كمدينة بغداد لامية ، والشهرة لا تساعده ـ روح المعاني ج ١ / ٣٤.
(٢) سورة الحجر : ٨٧.
(٣) البحار : ج ٩٢ / ٢٣٤ ، ح ١٧.
(٤) قال الشيخ بهاء الدين : فاتحة الشيء أول أجزاءه كما أن خاتمته أخرها ، فهي في الأصل