المقام ، فلم يكن حينئذ مخلوقا لهذا المقام الشامخ والقدر الباذخ ، ولذا عبّر عن تعيين وصيه بإكمال الدين وإتمام النعمة في قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (١) ، بل نفي مع عدمه التبليغ رأسا في قوله : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٢).
وبالجملة مجرد التوقف لا يدل على الأفضلية ضرورة توقف الشيء على جملة من الأجزاء والشروط في التشريعيات والتكوينيات ، ألا ترى أن الصلاة أفضل من الوضوء مع توقفه عليه لقوله : «لا صلاة إلا بطهور».
وكذا القلب أشرف من الكبد من أنه لا ريب في توقف حياته بوجودها بل بوجود غيرها من الأجزاء الشريفة والخسيسة فمجرد التوقف لا يقضي بالأفضلية.
واعلم أن هذا الخبر أيضا لم أظفر به في شيء من الأصول والمصنفات ، وإن كان في بعض الأخبار ما يدل عليه كما في تفسير الإمام عليهالسلام في حديث «الشجرة» التي انقلعت بأصولها وعروقها حتى دنت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونادت بصوت فصيح : «ها أنا ذا يا رسول الله ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعوتك لتشهدي لي بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد ثم تشهدي لعلي بالإمامة وأنه سندي ، وظهري ، وعضدي ، وفخري ، ولولاه لما خلق الله تعالى شيئا مما خلق ...» الخبر (٣).
وقضية العموم كما ترى شموله للنبي وغيره فيوافق ذلك الخبر أيضا.
وفي كتاب «رياض الجنان» في خبر طويل على ما رواه «البحار» وفيه :
«ثم قال سبحانه لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : وعزتي وجلالي وعلو شأني لولاك ولولا علي وعترتكما الهادون المهديون الراشدون ما خلقت الجنة ولا النار ولا المكان
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) المائدة : ٦٧.
(٣) بحار الأنوار : ج ١٧ / ٣١٧ ، ح ١٤ ، عن تفسير المنسوب إلى الإمام عليهالسلام.