فالعرش كان طائفا حول جلال القدرة قبل خلق الكرسي ، أي كان حاملا لولاية الله ، فلما خلق الله الكرسي ظهرت له إنيّته النورانية بظهور النفس القدسية المطمئنة ، فكانت سببا لتفاصيل ظهور الولاية الإجمالية التي كانت للعرش.
فالولاية ظهرت في الكرسي وثبتت الكرسي وبقي العرش على محض الرسالة والترجمة المعبر عنه بالنبوة.
وأما ما ذكره في معنى خبر أنا أصغر من ربي بسنتين ، فلعل الأمر بالعكس فإن المعنى الذي ذكره لا ينطبق على العبارة ، بل لا يساق مثل هذه العبارة لمثل ذلك المعنى ، سيما مع اختلافه في نفسه حسب ما سمعت.
نعم ، المنساق كونه فاقدا للمرتبتين : الألوهية والنبوة ، ولذا كانت الشهادة بولايته عليهالسلام في المرتبة الثالثة من الشهادة ، وكان اسمه الشريف مكتوبا في السطر الثالث من العرش ، وكل ذلك لا يقتضي أنّ بينه وبين خالقه نسبة ولا اتصالا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، بل إنما هو لمجرد التعبير عن حقارة الصغير ، لا لتحديد الكبير كما لا يخفى على الخبير البصير.
واعلم أن هذا الخبر لم أظفر به في شيء من الأصول وكتب الأخبار ، ولا في شيء من مصنفات من تقدم من علمائنا الأخيار ، ولا بأس به بعد موافقة مؤداه لساير الآثار.
وأما الثاني : وهو خبر «لولا علي لما خلقتك» فلأن قصارى ما يدل عليه أنّ وجود أمير المؤمنين عليهالسلام مما يتوقّف عليه وجود رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأين هذا من الأفضلية ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما كان في مقام الولاية الكلية المطلقة العامة التشريعية والتكوينية ، ولذا كان حقيقة النعمة ومدينة الحكمة ، فلا يكاد ينتفع به أحد من الناس إلا بوساطة سفيره ووزيره وهو وصيه المتشعشع بشعاع نوره ، المتشخص بتجليات أنوار ظهوره ، ولولاه لم يصلح أحد من الأنام لنيل هذا