أي العقل ما صار به الرحمن معبودا ، لأنّ العقل أول من قرع باب الأحدية ، وأسلم للحضرة السبحانية ، والحروف عبارة عن جهات العقل لأن الحرف طرف الشيء والأطراف هي الجهات ، وهي للعقل أربعة :
أحدها : كونه عقلا كليا صادرا عن المبدأ الأول بلا واسطة.
ثانيها : كونه متوجها إلى الله سبحانه مستفيضا منه الكمالات.
ثالثها : نظره إلى نفسه وأنه نفس النظام الكلي العقلي لجميع الأشياء قابل للظهور.
رابعها : كونه طالبا للظهور والبروز شائيا لإظهار الجواهر الغيبية المختفية المكنونة في الكنوز ، حمدا لنعم الله ، وشكرا لآلائه ، فأظهر منها ثلاثة بأن أوجد من ثلاثة من تلك الجهات ثلاثة أشياء فصدر من الثانية العقل ومن الثالثة الهيولى ، ومن الرابعة النفس ، وليس هو من الجهة الأولى بمصدر لشيء من الأشياء ، لأنها جهة تألهه ، وتضرّعه ، وتوجهه إلى بارئه ، لا التفات له من هذه الجهة إلى ما دونه.
وهو الواحد المحجوب عن الأكوان ، المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت تلك الثلاثة ذلك الواحد بأن صارت مظاهر لأحكامه ، حاكية لأفاعيله.
فالعقل مكنون في معقولاته الثلاثة وهي مظاهر له ، لأن العلّة كما تكون ظاهرة بالمعلول بمعنى أن المعلول إنما هو أثر العلة والحاكي لأفاعيلها كذلك مختفية فيه لأن المعلول شأن من شؤونه ، ولباس يتلبس به العلة.
وحيث إنّ العقل بجهاته مظاهر اسم الله الأعظم قال الصادق عليهالسلام :
«الظاهر في الحقيقة في هذه الأسماء ، بل في كل ذرة في الأرض والسماء ، هو الله سبحانه ، ليس لها في أنفسها ظهور ، بل هي على سلبها البسيط ما شمت