في ساير الحروف ، بل قيل مجموع هذه الحروف في سرّ العقل كان ألفا واحدا ، وأما في سرّ الروح فهو شكل ضلعين من أضلاع المثلّث متساوي الأضلاع ، ضلع قائم ، وآخر مبسوط ، والقائم ضلع الألف ، والمبسوط ضلع الباء ، فهما ألفان : ألف قائم والف مبسوط.
على أن الأول حامل الأسرار الوحدة ، والثاني كافل لمراتب الكثرة ، والأول هو المحبوب المحجوب ، والثاني هو الباب والحجاب ، ولذا قالوا : إن الألف يشار به إلى الذات الأحدية.
وذلك لما أفيض عليه من خلع الكرامة ما استحق بها للقيام في عالم الحروف مقامه لأولية المطلقة السارية في جميع الأطوار والأدوار كما في ترتيب أبجد ، وأيقغ ، وابتث ، وأهطم ، وغيرها من الدوائر السبع ، أو العشر ، أو السبعين ، ولتجرده من القيود وإضافات النقاط والحركات.
ولقيوميته المطلقة التي اختص بها من بين الحروف لقيامه بنفسه وقيام غيره به ، ولانفصاله عن الحروف. فلا يتصل بشيء منها ابتداء أصلا.
ولافتقار جميع الحروف إليه افتقارا أوليا كالباء والحاء والواو ، أو ثانويا كالجيم والسين والميم لتمامية الياء به.
وهو أول الحروف وآخرها لانتهائها إليه من حيث البيّنة وظاهرها ، كما لا يخفى وباطنها كما سمعت ، فهو من جملة الآيات التدوينية في عالم الحروف ، وهو الظاهر بنفسه المحتجب بخلقه.
كما قال مولانا أمير المؤمنين عليهمالسلام : «خلقة الله الخلق حجاب بينه وبينهم» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ / ٢٢٨ ، ح ٢ عن التوحيد والعيون. وفيه عن الامام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام.