الجاهلية ولا في الإسلام ، فلثبوت اختصاصه به سبحانه وعدم إطلاقه على غيره أستفيد من كلمته.
هذا مضافا إلى جواز الاختصاص من نفس المفهوم لا من الغلبة ، ككونه المعبود الحق ، أو المفزع لجميع الموجودات ، أو المحتجب بلوامع الأنوار عن البصائر والأبصار فلا يكون لعنوانه مصداق غيره سبحانه.
وربما يجاب أيضا بالمعارضة بأنه لو كان علما لفرد معين من ذلك المفهوم ـ لم يكن (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مفيدا للتوحيد ، لجواز أن يكون لذلك المفهوم فردان أو أكثر في نفس الأمر ، ويكون لفظة الجلالة علما لأحدهما ، مع أنهم جعلوا السورة المباركة من الأدلّة السمعية على التوحيد.
وردّ بأنّ أوّل هذه السورة يدل على الأحدية الذاتية التي هي عدم قبول القسمة بأنحائها.
وأما الواحدية بمعنى نفي الشريك ، فمستفاد من آخر السورة.
وعن الثاني أنّ المراد كماله الذي لا يشاركه فيه غيره ، وهو ربوبيته الكبرى ورحمته الواسعة كما يومي إليه صدر الآية : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (١).
ولذا قيل فيه : أي مثلا ونظيرا ، وإنما قيل للمثل سمّي لأن كل متشابهين يسمى كلّ منهما سمّيا لصاحبه.
وعن الثالث أنّه إنما يدلّ على نفس الوصفية ، لا على ثبوت العلّمية ، إذ أسماء الأجناس ، ولفظ الشيء أيضا كذلك ، وبأنّ الصفات الغالبة تعامل معاملة الأعلام في كثير من الأحكام.
__________________
(١) مريم : ٦٥.