في شيء من المسميات.
وأما حكاية وضع الألفاظ للأمور الذهنية : فهو مما طال التشاجر فيه بين العلماء ، فعن بعضهم ذلك ، وعن آخرين أن الموضوع له هو الموجودات الخارجية ، ولكل منهما أدلة يمنع ضعفها عن التعرض بها في المقام.
نعم ، ربما بيني الخلاف فيها على الخلاف في مسألة أخرى ، وهو أن المعلوم بالذات هل هو الصورة الذهنية كما ذهب إليه الفارابي (١) ، والشيخ الرئيس ، وأتباعهما بناء على أنّ الحاصل في الذهن حقيقة هو الصورة الذهنية ، وذو الصورة إنما يحصل فيه بناء على أنّ صورة المطابقة وعدمها حاصلة فيه ، مع أنا نتصور بل نحكم على أشياء لا وجود لها في الخارج.
أو أنه هو ذو الصورة ، كما ذهب إليه المحقق الطوسي (٢) ، والرازي ، والسيد الشريف ، وغيرهم نظرا إلى أنّ ذا الصورة هو الملتفت إليه بالذات والصورة إنما هي من مراتب ملاحظته ، ولذا قد يحصل الالتفات إلى الأمر الخارجي من دون توجه إلى الصورة ، بل المتكلمون ذهبوا إلى نفي الوجود الذهني.
فالقائلون بالأول قالوا بالأول وبالثاني بالثاني.
وربما يزاد في المسألة قول ثالث وهو أن اللفظ في الموجود الخارجي موضوع لما هو موجود في الخارج ، وفيما عدى ذلك للأمر الذهني كما يظهر من صاحب «المحاكمات» (٣).
بل ربما يدّعى رجوع القولين المتقدمين إليه ، فيرجع النزاع لفظيا ، ويرتفع
__________________
(١) الفارابي أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان التركي الحكيم المتوفى (٣٣٩) ه. ـ العبر : ج ٢ / ٢٥٧.
(٢) هو محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الحكيم المتكلم المتوفى (٦٧٢) ه.
(٣) صاحب المحاكمات : قطب الدين محمد بن محمد الرازي المتوفى (٧٦٦) ه.