وعلى كلّ حال فالحقّ جواز اشتقاقه من كل منها ، بل الجميع على فرض التغاير بناء على عموم المجاز ، أو استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد.
ومن هنا ذكر بعض الأجلّة أن التحقيق على ما يظهر من جملة الأخبار هو أن في اشتقاق اللفظة المقدسة لوحظ جميع هذه المعاني ليذهب الذهن منه إلى كل مذهب ، وهذا من خواص ذلك الاسم الشريف.
ذكر في «مجمع البيان» : «أن معنى (الله) و (الإله) الذي تحق له العبادة ، وإنما تحق له العبادة لأنه قادر على خلق الأجسام وإحيائها والإنعام عليها بما يستحق به العبادة ، وهو تعالى إله للحيوان والجماد ، لأنه قادر على أن ينعم على كل منهما بما معه يستحق العبادة.
فأما من قال : معنى الإله هو المستحق للعبادة فيلزمه أن لا يكون إلها في الأزل ، لأنه لم يفعل الإنعام الذي يستحق به العبادة وهذا خطأ (١).
أقول : والظاهر أنّه أراد أنّ إطلاق الألوهية إنما هو باعتبار القدرة التي هي من صفات الذات ، سواء تعلقت بابتداء الخلق أو بالإنعام على المخلوق ، لكنه لا يخفى أنّ الفرق غير (٢) ظاهر بين من تحقّ له العبادة وبين المستحقّ للعبادة ، حيث اثبت الأول ونفى الثاني.
اللهم إلا أن يقال : إنه باعتبار التعبير بالثاني من الصفات الفعلية وهي الربوبية إذ مربوب ، وبالأول من الصفات الذاتية وهي الربوبية إذ لا مربوب.
إلّا أنّ العبارة لا تساعده ، بل لعلّ اقتصاره على ما ذكره متعلقا للقدرة لتوهّم أنّ غيره غير محتاج في بقائه إلى الفيوض الإلهية والإمدادات الغيبية ، وهو غريب
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٢١.
(٢) الفرق ظاهر لأنّ الأوّل من له الحق سواء طلب حقّه أم لا وأمّا الثاني فهو من له الحقّ وطلب حقّه فإنّه من باب الاستفعال.