له ثان في رتبة وجوده وتحققه ، وكل من الفعل وغيره من جملة شؤونه وتجلياته وتطوراته التي يكون له ، لا في مرتبة الذات ، بل في مرتبة الظهور والتجلّي بصفة من صفاته الفعلية.
فأول ما يظهر منه وهو الفعل المعبر عنه بالإبداع والمشية والإرادة ، وهي وإن كانت أسماؤها مختلفة إلا أن معناها واحد ، كما نبّه عليه مولانا الرضا عليه التحية والثناء في خبر عمران الصابي (١).
ولذا قال الصادق عليهالسلام : «خلق الله المشية بنفسها ، ثم خلق الأشياء بالمشية» (٢).
فالفعل مقدم على المصدر الذي هو المفعول المطلق كما في قولك : ضربت ضربا ، فضربا الذي هو المصدر وهو المفعول المطلق قد تحصّل وانوجد من الفعل ، لأن الموجود بعد الوجود ، بل الوجود بعد الإيجاد ، بل الإيجاد بعد أوجد فافهم الكلام حتى تعرف الفرق بين الاشتقاقين الذين أحدهما عكس الآخر.
فلك تصحيح كل من القولين بالاعتبارين ، إلّا أنّه لما كان مدار علمهم وبحثهم واصطلاحهم على الألفاظ اللغوية ، لا الحقائق المعنوية كان الجدير بهم الاتفاق على اشتقاق الفعل من المصدر ، كما اختاره الجمهور منهم.
ولعل الفرقة الأخرى قد آنست من جانب طور الحقائق نارا وبرقا ، فرأى أن الأمر هكذا بحسب الحقيقة والمعنى ، ولكن سنا برقه ذهب ببصره وما استشعر أن هذا في عالم الحقائق لا الألفاظ التي هي محلّ بحثهم.
ومن جميع ما مر ظهر بعض الكلام في الاشتقاق المعنوي أيضا ، وإن تنوّع
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٠ / ٣١٤ ، ح ١ عن التوحيد والعيون.
(٢) البحار : ج ٤ / ١٤٥ ، ح ٢٠ ، عن التوحيد.