وعلي ما سمعت فلا ينهض شيء من الوجهين لدفع الإشكال ، كما لا ينهض له ما قيل : من منع اختصاصه بالله سبحانه ، فإنه ليس في محلّه لما صرح به كثير منهم من اختصاصه به ، بل يومي إليه الأمر بالسجود له في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا) (١) الآية.
ويصرّح به قول الصادق عليهالسلام : «الرحمن اسم خاص بصفة عامة ، والرّحيم اسم عام بصفة خاصة» (٢).
يعني أن الرحمن اسم خاص بالله لا يصح إطلاقه على غيره تعالى لما ستعرفه.
وأما قول بني حنيفة : مسيلمة (٣) رحمن اليمامة ، وقول شاعرهم فيه : وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا.
فقد قيل : إنه من تعنّتهم وكفرهم فلا يعبأ به سيّما مع وصول المنع من الشرع.
ولذا قال الصدوق في كتاب «التوحيد» : «إنه يقال للرجل رحيم القلب ولا يقال : الرحمن ، لأن الرحمن يقدر على كشف البلوى ولا يقدر الرحيم من خلقه على ذلك ، وقد جوّز قوم أن يقال للرجل : رحمن ، وأرادوا به الغاية في الرحمة ، وهذا خطأ» (٤) انتهى.
وفي «مجمع البيان» : «إن الرحمن بمنزلة اسم العلم ، من حيث لا يوصف به إلا الله ، فوجب لذلك تقديمه بخلاف الرحيم ، لأنه يطلق عليه وعلى غيره» (٥).
__________________
(١) الفرقان : ٦٠.
(٢) مجمع البيان : ج ١ / ٢١.
(٣) مسيلمة الكذاب المدعي للنبوة المقتول في وقعة اليمامة سنة (١٢) ه.
(٤) التوحيد : ص ٢٠٣ ، باب أسماء الله تعالى.
(٥) مجمع البيان : ج ١ / ٢١.