ولا ما قيل من أن أسماء الله تعالى إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادي التي تكون انفعالات (١).
فإنه تسليم للشبهة والتزام بإطلاق السبب على المسبب ، بل الحق أن يقال : إن الأسماء المشتركة بين الله وبين خلقه بحسب الإطلاق ليس لها اشتراك بينهما بحسب المعنى ، بأن يكون إطلاقه عليهما بمعنى واحد ، وحقيقة واحدة كي يكون المبدء مشتركا معنويا بينهما ، فإنّ ذلك مستلزم لأحد المحذورين : إمكان الواجب أو وجوب الممكن «تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا» ، بلا فرق في ذلك بين الصفات الجلالية أو الجمالية الذاتية أو الفعلية ، فإن صفات الممكن إنما هي على سبيل العروض ، ومغايرتها للذات واتصافها بها على وجه الاستعداد والقبول والاستكمال ، ولا يجري عليه سبحانه ما هو أجراه على خلقه ، ولذا قال مولانا الرضا عليهالسلام في خبر طويل رواه في «التوحيد» و «الاحتجاج» و «العيون» :
«إن الله تعالى سمى نفسه سميعا بصيرا ، قادرا ، قاهرا ، حيا ، قيوما ، ظاهرا ، باطنا ، لطيفا ، خبيرا ، قويا ، عزيزا ، حكيما ، عليما ، وما أشبه هذه الأسماء ، فلما راى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله ، ولا شبه له من الخلق ، قالوا أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل الله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإنّ في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض.
قيل : لهم : إنّ الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني ، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين».
إلى أن قال : «وإنما نسمي الله بالعالم بغير علم حادث علم به الأشياء
__________________
(١) كما في تفسير روح البيان : ج ١ / ٨.