واستعان به على حفظ ما يستقبل من أمره والرويّة فيما يخلق من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا ، كما أنّا رأينا علماء الخلق إنما سمّوا بالعلم لعلم حادث ، إذ كانوا قبله جاهلين ، وربما فارقهم العلم فصاروا إلى الجهل ، وإنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا ، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم واختلف المعنى».
ثم فصّل عليهالسلام الكلام في غيره من الأسماء المذكورة في صدر الخبر إلى أن قال في ذيله : «وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نسمّها كلها فقد تكتفي للاعتبار بما القينا إليك» (١).
وبالجملة فالرحمة إذا اتصف بها الله سبحانه فليست بالمعنى الذي يتصف به خلقه ، فهي من الله يده المبسوطة على خلقه بالفيض المقدس ، أي الفيض الجاري على يده ، فإن كانت اليمنى وكلتا يديه يمين كما في الخبر (٢) فهو الفضل وإلا فالعدل الذي هو الرحمة الرحمانية كما أن فضله هو الرحمة الرحيمية.
ولعلّه إلى ما ذكرناه يرجع قول الصدوق رضى الله عنه : «إن الرحمة هي النعمة لا الرقّة ، لأنها من الله منتفية وإنما سمي رقيق القلب من الناس رحيما لكثرة ما يوجد الرحمة منه» (٣).
قلت : وهو كما ترى صريح في أن معنى الرحمة مطلقا هو النعمة ، لا الرقة حتى باعتبار إطلاقه على الناس ، واستعمالها في الرقة على الضرب من المجاز ، كما أنه إليه يرجع ما قيل : إنها فيض الله سبحانه الجاري على أطوار الموجودات ، فإن جرى على مقتضى المشيّة الحتمية فهي الرحمة الواسعة ، وإن جرى على مقتضى
__________________
(١) التوحيد : ص ١٨٦ ، باب أسماء الله تعالى ، ح ٢.
(٢) الكافي : ج ٢ / ١٢٦ ، وعنه البحار : ج ٧ / ١٩٥ ، ح ٦٤.
(٣) التوحيد : باب أسماء الله تعالى : ص ٢٠٤.