حيث المعنوي الذي قد سمعت جملة الكلام فيه فهي مشتقّة من رحم محمد وآل محمد صلّى الله عليهم أجمعين ، وذلك أنهم هم الرحمة الموصولة المشار إليها في الزيارة الجامعة أي الموصولة بفعله سبحانه ، فهم نفس فعله الموصول به سبحانه ، اتصال الفعل بالفاعل ، والصنع بالصانع ، وشيعتهم موصولون بهم اتصال شعاع الشمس بالشمس ، والنور بالمنير ، بأنحاء التجلّيات والإشراقات الواقعة في السلسلة الطولية ، وفي عرض تلك السلسلة ، وذلك أنه إن ذكر الخير كانوا أوله وأصله ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، فطينة شيعتهم مشتقة من فضل طينتهم ، وأفعالهم من أفعالهم وأقوالهم من أقوالهم ، وأحوالهم من أحوالهم ، وإرادتهم من إرادتهم.
فمن أخذ بالمنهج القويم ، وسلك الصراط المستقيم ، واتبعهم في جميع الأفعال والأقوال بلا تخلّف عنهم في أمر من الأمور فقد اقتبس من أنوارهم ، واقتفى على آثارهم ووصل رحمهم ، ومن خالفهم في الجميع فقد قطع رحمهم ، وبين هذين درجات ومراتب يسير فيها السائرون ، ويسلكها السالكون ، فأصل هذه الرحم هو الولاية ، ومن فروعها كلّ خير وبرّ وإحسان.
ولذا قال الصادق عليهالسلام في (الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (١) : «إنها نزلت في رحم آل محمد عليهمالسلام وقد يكون في قرابتك» ثم قال عليهالسلام :
«فلا تكونن ممّن يقول للشيء : إنه في شيء واحد» (٢).
وفي تفسير الإمام عليه الصلاة والسّلام عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام :
«أنّ الرحمن مشتقّ من الرحمة ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : قال الله عزوجل : أنا الرحمن وهي الرحم ، شققت لها اسما من اسمي ، من وصلها وصلته ،
__________________
(١) الرعد : ٢١.
(٢) بحار : ج ٧٤ / ١٣٠ ، ح ٩٥.