ومن قطعها قطعته».
ثم قال علي عليهالسلام : «أو تدري ما هذه الرحم التي من وصلها وصله الرحمن ، ومن قطعها قطعه الرحمن؟» فقيل : يا أمير المؤمنين حثّ بهذا كلّ قوم أن يكرموا أقربائهم ويصلوا أرحامهم ، فقال لهم : أحثّهم على أن يصلوا أرحامهم الكافرين ، وأن يعظّموا من حقّره الله وأوجب احتقاره من الكافرين؟ قالوا : لا ولكنه حثّهم على صلة أرحامهم المؤمنين ، قال : فقال : أوجب حقوق أرحامهم لاتصالهم بآبائهم وأمهاتهم ، قلت : بلى يا أخا رسول الله ، قال : فآباؤهم وأمهاتهم ، إنّما غذّوهم في الدنيا ووقوهم مكارهها وهي نعمة زائلة ، ومكروه ينقضي ، ورسول ربهم ساقهم إلى نعمة دائمة لا تنقضي ، ووقاهم مكروها مؤبدا لا يبيد.
فأي النعمتين أعظم؟ قلت : نعمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعظم وأجل وأكبر ، قال : فكيف يجوز أن يحثّ على قضاء حقّ من صغّر الله حقّه ، ولا يحثّ على قضاء من كبّر الله حقه؟ قلت : لا يجوز ذلك ، قال فإذا حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعظم من حق الوالدين ، وحقّ رحمه أيضا أعظم من حقّ رحمهما ، فرحم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى بالصلة وأعظم في القطيعة ، فالويل كلّ الويل لمن قطعها ، والويل كل الويل لمن لم يعظّم حرمتها ، أو ما علمت أنّ حرمة رحم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حرمة الله؟ وأنّ الله أعظم حقا من كل منعم سواه ، فإنّ كل منعم سواه إنما أنعم حيث قيضه له ذلك ربّه ووفّقه ، أما علمت ما قال الله تعالى لموسى بن عمران حيث قال : يا موسى أتدري ما بلغت رحمتي إيّاك؟ فقال موسى عليهالسلام : أنت أرحم بي من أبي وأمي ، فقال الله : يا موسى! إنما رحمتك أمّك لفضل رحمتي ، فأنا الذي رفّقتها عليك ، وطيّبت قلبها لتترك طيب وسنها لتربيتك ، ولو لم أفعل ذلك بها لكانت وسائر الناس سواء ، يا موسى أتدري أنّ عبدا من عبادي مؤمنا تكون له ذنوب وخطايا تبلغ أعنان السماء فأغفرها له ولا أبالي ، قال : يا رب! وكيف لا تبالي؟