التي هي الشيطنة فهي من جنود الجهل ومن قوى الشيطان.
وروي أن جبرئيل على نبينا وآله وعليهالسلام قال للنبي : كنت أخشى العذاب على أمتك ، فلما نزلت الفاتحة أمنت ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لم يا جبرئيل؟ قال : لأن الله تعالى قال : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (١) وآيات الفاتحة سبع ، من قرءها صارت كل آية طبقا على باب من أبواب جهنم ، فيمر أمتك عليها سالمين (٢).
بل ربما يقال : لهذا أثبت فيها جميع حروف التهجي إلا السبع التي هي أوائل ألفاظ دالة على نوع مما يعذب به ، وهي جهنم ، والثبور ، والخزي ، والشهيق ، والزفير ، والظلمة ، والفراق (٣).
__________________
(١) سورة الحجر : ٤٤.
(٢) لم أظفر على مصدر له.
(٣) إشارة إلى ما حكى الفخر الرازي المتوفي (٦٠٦) ه في «مفاتيح الغيب» ج ١ / ١٧٨ قال : قالوا : هذه السورة لم يحصل فيها سبعة من الحروف وهي : الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء.
والسبب فيه أن هذه السبعة مشعرة بالعذاب ، فالثاء تدل على الثبور ، قال تعالى : (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) الفرقان : ١٤ ، والجيم أول «جهنم» ، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) الحجر : ٣٧. والزاي والشين أول حروف الزفير والشهيق ، قال تعالى : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) هود : ١٠٦ ، والظاء تدل على لظى (كَلَّا إِنَّها لَظى) المعارج : ١٥ ، والفاء تدل على الفراق ، قال تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) «الروم ١٤».
فإن قالوا : لا حرف من الحروف إلا وهو مذكور في شيء يوجب نوعا من العذاب فما يبقى لما ذكرتم فائدة ، فنقول : أنه تعالى قال في صفة جهنم : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) وأسقط سبعة من الحروف في هذه السورة وهي أوائل ألفاظ دالة على العذاب تنبيها على من قرأ هذه السورة وآمن بها وعرف حقائقها صار آمنا من المدركات السبع في جهنم ، والله أعلم.
وقال الآلوسي المتوفى (١٢٧٠) ه في (روح المعاني) ج ١ / ٣٦ : لا يقال : إذا كانت الفاتحة جامعة لمعاني الكتاب فلم سقط منها سبعة أحرف : الثاء ، والجيم ، والخاء ، والزاي ،