نعم من جهة صرفها في الطاعات التي هي مرضات الله ، يطلق التوفيق الذي هو موافقة إرادة العبد لصرف الأسباب فيما يحبه الله تعالى ويرضاه ، ومن جهة صرفها في المعاصي التي هي موجبات سخطه يطلق الخذلان الذي هو ترك العبد وما يشتهيه وتخليته وما يريده.
وقد قيل : لا تدع النفس وهواها ، فإنّ في هواها رداها ، وترك النفس وما تهوى شفاها ، وردع النفس عما تهوى هداها وشفاها.
وبالجملة فقول القائل : بسم الله عند كل فعل من الأفعال معناه الاستعانة فيه به سبحانه وبأسمائه الحسنى تيمّنا وتبركا بذكر اسمه الشريف على الوجه الذي مرت إليه الإشارة من حفظ الحدود مع قصد الاستعانة بما أنعم وأفاض عليه من الآلات والأدوات المصروفة في إتمام هذا الفعل لفائدة شكر تلك النعم وصرفها فيما خلقت لأجله على الوجه اللايق بحاله في الكون التشريعي موافقا لمحبّته كي يقع الفعل على جهة العبودية تحصيلا لمرضاته سبحانه ، فيظهر عليه أثر العبودية.
ولعله إليه الإشارة بقول مولانا الرضا عليه التحية والثناء في معنى البسملة «أسم نفسي بسمة الله تعالى» (١).
وكأنه مأخوذ من الوسم الذي يتميز به مواشي السلطان أو السيماء الذي يتميز به حواشيه.
وهو المشار إليه بقوله تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (٢).
وبقولي في القصيدة المهدوية شعرا :
ترى صبغة الرحمن صاغت وجوههم |
|
وإنّ صباغ الحبّ صبغ التجمّل |
__________________
(١) تفسير نور الثقلين : ج ١ / ١١ ، ح ٤١ عن العيون.
(٢) البقرة : ١٣٨.