فالتسمية سمة الطاعة وصبغة العبودية وشكر النعمة وحد المائدة.
ولذا ورد في أخبار كثيرة عن مولانا الصادق عليهالسلام : «إنّ حدّ المائدة أن تقول إذا وضعت بسم الله وإذا رفعت الحمد لله» (١).
وفي «العلل» عنه عليهالسلام قال :
«لمّا جاء المرسلون إلى إبراهيم على نبينا وآله وعليهالسلام جاءهم بالعجل فقال : كلوا ، فقالوا : لا نأكل حتى تخبرنا بثمنه ، فقال عليهالسلام : «إذا أكلتم فقولوا : بسم الله ، وإذا فرغتم فقولوا : الحمد لله ، قال : فالتفت جبرئيل إلى أصحابه وكانوا أربعة وجبرئيل رئيسهم ، فقال : حقّ لله أن يتّخذ هذا خليلا» (٢).
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة فإذا توسم العبد بسمة طاعته وسمّى عند كل فعل من الأفعال ابتغاء مرضاته ، فقد جمع بين التسمية الفعلية والقولية ، وأظهر فيه العبودية المحضة التي لا يشاركه فيها الشيطان ، لأنه قد يئس من الاستيلاء بعباد الرحمن بقوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (٣).
وأما إذا نسيها فقد شاركه فيه ، ثم إن استدركته العناية الربانية وتدارك التسمية فقد ورد في الأخبار : «إن الشيطان تقيأ ما أكله» كما في الخبر المتقدم المروي عن «المحاسن» (٤).
ولعل المراد أنه يرجع عن المشاركة في ذلك الفعل ، ويعود كله خالصا لله من أوله ، إذ الأمور الملكوتية المقيدة بالزمان يتساوى عندها جميع الأزمنة فيتأثر منها
__________________
(١) المحاسن : ص ٤٣١ ، وعنه البحار : ج ٦٦ / ٣٧ ، ح ٩ ، وفيه : «إذا وضع قيل : بسم الله ، وإذا رفع قيل : الحمد لله».
(٢) علل الشرائع : ص ٢٣ ـ ٢٤ ، وعنه البحار : ج ١٢ / ٥.
(٣) الحجر : ٤٢.
(٤) المحاسن : ص ٤٣٢ ، وعنه البحار : ج ٦٦ ، ص ٣٧٢.