«حمدا دائما يدوم ما دام سلطانك ، ويدوم ما دام وجهك ، ويدوم ما دامت جنتك ، ويدوم ما دامت نعمتك ، ويدوم ما دامت رحمتك ، حمدا يصعد ولا ينفد ، يبلغك أوله ولا ينقطع آخره ، حمدا سرمدا لا يحصى عددا ولا ينقطع أبدا» (١).
كما أن الحقيقي الذاتي هو المشار إليه بقوله : «ففتحت بالحمد كتابك» (٢).
بناء على أن المراد بالكتاب هو الكتاب التكويني أو الإمكاني ، وإن كان ابتداء الكتاب التدويني به أيضا ، وبقوله : «حمدا سعة علمك ومقدار عظمتك وكنه قدرتك ومبلغ مدحك ومداد كلماتك ...» (٣).
وأما الحمد الخلقي فيكون أيضا في مقام الذات وفي مقام الفعل ، فالذاتي يشترك فيه جميع العالم من حيث التحقق والوجود ، وإن كان بين أفراده من الاختلاف ما لا يحصى ولا يستقصي كاختلاف ذوات الذرّات في السلسلة الطولية والعرضية وهو المعبر عنه بالتسبيح الذاتي المشار إليه بقوله (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (٤) ، (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٥).
لكن التسبيح المذكور في الآيتين وغيرهما يراد به مضافا إلى ما ذكر من التسبيح الفطري الذاتي ، التسبيح الشعوري الاختياري التكليفي الذي نطقت به الآيات والأخبار حسبما يأتي بيانه إن شاء الله.
ولذا قال سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي
__________________
(١) البلد الأمين ص ٨٢. مصباح المتهجد : ص ٣٤٣ ، دعاء يوم الجمعة.
(٢) نفس المصدر.
(٣) بحار الأنوار : ج ٩٠ / ١٣٠ ، دعاء الجمعة.
(٤) الجمعة ، والتغابن : ١.
(٥) الإسراء : ٤٤.