الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) (١).
فإنه نسب السجود إلى غير الناس على سبيل الكلية وإليهم على وجه الجزئية ، وهذا هو السجود الاختياري والتكليف الشعوري الإرادي.
وأما التسبيح الفطري الذاتي فيشترك فيه جميع الأشياء والأكوان مما دخل في صقع الإمكان أو في بقعة الوجود حتى أن الكافر والمشرك في حال كفره وشركه موحد لله تعالى مسبح له ، ولذا قيل بالفارسية :
«عين إنكار كافر إقرار است».
وقيل أيضا :
هر گياهي كه از زمين رويد |
|
وحده لا شريك له كويد |
وفي «الجامعة الصغيرة» : «يسبح الله بأسمائه كل شيء».
وذلك لأن كل ما دخل في عالم الوجود من الأكوان والأعيان والمجردات والماديات والفلكيات والعنصريات والجمادات والنباتات والحيوانات فهو ينادي بأعلى صوته بل بجميع ألسنة وجوده بأني عبد عاجز مصنوع لا أقدر على شيء ولا أملك لنفسي شيئا ، بل لست بشيء وإن لي ربا قادرا ، عالما ، قيوما ، حيا ، قديما ، جامعا لصفات الكمال ونعوت الجلال وإنه شيأني بمشيته وأوجدني بقدرته وأفاض علي من رحمته ، وأقامني بأمره قيام صدور وظهور ، بحيث لو قطع فيضه عني لكنت عدما محضا ، وهذه المقالة مما جرت عليها ألسنة جميع الذرات والكائنات من جميع جهات وجودها وكينونتها في جميع الأدوار والأكوار والأطوار والأوطار ، فقد ملأ الدهر قدسه لا يرى فيه نور إلا نوره ، ولا يسمع فيها صوت إلا
__________________
(١) الحج : ١٨.