سمعت ، فالفصل بينهما ليس بالفصل بل هو قول هزل.
ومرادهم من إطلاق الاستغراق هو التعريف على هذا الوجه نظير إطلاقهم الجنس والعهد ، فيسقط ما ذكره من دعوى أن الاستغراق ليس من التعريف في شيء وإرجاعه مع التعين الذهني أو الخارجي إلى أحد القسمين حسبما ذكره من الغرائب ، وأغرب منه نسبته إلى الأصوليين كون ذلك في الجموع على وجه التجوز وحمله على التجوز من حيث اللغة أو وضع المفردات كما ترى.
وأما دعوى كون اختصاص حقيقة الحمد به أبلغ من اختصاص أفرادها.
ففيها أنك قد سمعت أن للحمد مقامات ودرجات كالحمد الحقي والحقيقي والخلقي والإطلاقي وكل ذلك إما في مقام الذات أو الفعل وبعضه إما بالجنان أو بالأركان أو باللسان أو بالجميع ، ومن البيّن أنّ الأكمل في مقام الثناء إثباته له بجميع مقاماته ودرجاته كما في الدعاء : «الحمد لله كلّما حمد الله شيء ، وكما يحب الله أن يحمد ، وكما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجه وعز جلاله» (١).
فالأول يدل على الإستيعاب ، والثلاث الأخر على الكيفية.
وأما ما ذكره في «الكشف» وغيره من أن المستغرق لا يجوز أن يختص به تعالى ، بل الحمد الحقيقي الكامل الذي يقتضيه إجراء هذه الصفات فاللام للحقيقة ويراد أكمل أنواعه من باب «ذلك الكتاب» وحاتم الجواد ، إشعارا بأنه هو الحمد الذي يحق أن يطلق عليه الحقيقة كأنه كل الحقيقة.
ففيه أنه يمكنه أيضا إختيار الاستغراق ، بناء على تنزيل ما عدا محامده سبحانه منزلة العدم ، إذ لا يعبؤ بمحامد غيره بالقياس إلى محامده ، فلا فرق بين المعنيين في صلاحيتهما لتأويل يصح معه الإختصاص.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨٦ / ٤٤ ح ٥٤.