يربني رجل من قريش أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن (١) ، يريد يملكني ويصير لي ربا ومالكا ، ولا يقال لمخلوق : الرب بالألف واللام ، لأن الألف واللام دالتان على العموم ، وإنما يقال للمخلوق : ربّ كذا ، فيعرف بالإضافة لأنه لا يملك غيره (٢).
وظاهرهما كصريح بعض المفسرين هو الثالث ، أي كونه صفة مشبهة بعد نقل المشتق منه إلى فعل اللازم ، جعلا له بمنزلة الغرايز كما سبق في اشتقاق الرحمن والإضافة معنوية من قبيل كريم البلد لانتفاء عامل النصب فلا إشكال في وصف المعرفة به.
وفي «الكشاف» ترجيح المصدرية على الوصفية وعلّل بأبلغيته وسلامته عن تكلف جعل المتعدي لازما (٣).
وفيه : منه كونه تكلفا بعد اطراده في باب المدح والذم كما صرح به السكاكي (٤) في «المفتاح».
بل الزمخشري أيضا في «الفايق» عند ذكر فقير ورفيع فالترجيح بالأبلغية حجة عليه مضافا إلى أن التربية من الصفات الفعلية التي ينبغي حمله عليه سبحانه
__________________
(١) هو صفوان بن أمية بن خلف الجمحي أسلم بعد الفتح ومات بمكة سنة (٤١) ه ، هرب يوم الفتح ، ثم رجع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهد معه حنينا وهو كافر وصار من المؤلفة القلوب ، أعطاه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من غنائم حنين حين أسلم ، ولما هرب المسلمون يوم حنين في أول القتال استبشر أبو سفيان وقال : غلبت والله هوازني ، إذن لا يردهم إلا البحر ، فرد عليه صفوان قائلا : بفيك الكثكث ـ دقاق الحجارة ـ ، لأن يربني رجل من قريش ... إلخ.
(٢) كتاب التوحيد : باب أسماء الله تعالى ، ص ٢٠٣ ، ط قم ، مؤسسة المدرسين.
(٣) في الكشاف ج ١ / ٥٢ : ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل ، انتهى ، وليس فيه ترجيح ولا علة ترجيح ، ما حكاه المصنف قدسسره عنه لم أظفر عليه في الكشاف.
(٤) السكاكي : يوسف بن أبي بكر المتوفى (٦٢٦) ه. ـ الأعلام : ج ٣ / ١٦٠.