ورد في الدعاء : «اللهم أنت رب الصاحب في السفر» (١).
وعلى المدبر ، ومنه ربّاني الأمة لمدبّر أمور دينهم والمصلح من رب القيعة (٢) ـ أي أصلحها ـ والجامع من التربب بمعنى الاجتماع والثابت من ربّ بالمكان أي ثبت ، والدائم من أربّت السحابة أي أدامت.
وهذه المعاني وإن صحّ إطلاقها على الله سبحانه على وجه الأصالة والذاتية والقيّوميّة المطلقة التي لا تليق بغيره سبحانه ، إذ كل شيء سواه قام بأمره ، إلّا أنّ أمّ المعاني في هذا الباب وأصلها وأساسها بل جامعها الذي يرجع جميعها إليه إنما هو التربية ، وهو تبليغ الشيء إلى كماله أو حال أحسن من حاله ، وبالجملة إلى كماله الحقيقي أو الإضافي شيئا فشيئا.
وهذا المعنى سار في جميع المعاني المتقدمة كما يظهر بأدنى تأمّل ، فالربّ إن كان مربيا أو مصلحا ومفيضا للظاهر والباطن من كل الجهات وفي جميع الأحوال ، فهو الرب على الإطلاق الذي هو المنعم الحقيقي أو من بعض الجهات دون بعض ، وذلك لا يكون إلا بعض وسائط الفيض ، فإن الله جعل لكل شيء سببا ، وأبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها.
ولذا ورد : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» (٣).
لكنه لا بد من حفظ الحدود كي لا ينقلب الشكر شركا بمجرد التغيير ولو بالتقديم والتأخير.
كما في رواية العياشي عن الصادق عليهالسلام في قوله : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٠ / ١١٢ ، ح ١.
(٢) القيعة ـ بكسر القاف ـ المستوي من الأرض.
(٣) في البحار ج ٧١ / ٤٤ ، ح ٤٧ : «من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز».