وعلى الأول ينقسم الربوبية إلى قسمين ومعناه الإشارة إلى ثبوت معنى الربوبية له سبحانه بالمعنى الأوّل بمعنى أنّه ربّ بهذا المعنى ، فربوبيته نفس ذاته تعالى بلا مغايرة بينهما ، بوجه من الوجوه ، فهو حينئذ من الصفات الذاتية التي لا حاجة في اتصافه بها إلى غيره ، ومرجعها إلى العلم والقدرة وسائر الصفات الذاتية.
وأما الربوبية بالمعنى الثاني بمراتبه ودرجاته فهي ثابتة له سبحانه في ملكه ، لا في ذاته.
فاللام للتمليك فهو يملك الربّ والتربية والربوبية كلّها بغير المعنى الأول في ملكه وخلقه ، وهم الأبواب الذين أمر الله تعالى بمعرفتهم وولايتهم ولا تمسك بحبلهم ، فإن الله تعالى جعلهم أبوابا لفيوضه وأعضادا لبريته ، وأشهادا على خليقته وهم المقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان ، يعرفهم به من عرفه ، وهم السبيل الأعظم ، والصراط الأقوم ، وشهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء.
فالربوبيّة المطلقة المقترنة بالمربوب ولو ذكرا حادثة في عالم الإمكان وهي المشية الكلية ، وأمر الله الفعلي الذي به قامت السموات والأرض قياما صدوريا ركنيا.
فمن عرفهم فقد عرف الله ، ومن أنكرهم فقد أنكر الله ، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله.
وفي الزيارة : «من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحّده قبل عنكم ، ومن قصده توجه إليكم» (١).
وذلك أن الله تعالى جعلهم وسائط فيضه ، ومرآة أنوار جلاله وجماله ، وأشهدهم خلق خلقه.
__________________
(١) الجامعة الكبيرة.