سبحانه : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١).
ومن البيّن أنّ إبداع المبدع ليس أثرا ارتباطيا وأصلا منه إلى موجود آخر غيره ، وإلّا لزم قدم المتعلق شخصا أو نوعا ، وهذا إنكار للإبداع ، فالفعل المتعدي منّا صدور الأثر عن الفاعل ووقوعه على المفعول ، وفعله سبحانه هو إحداثه لا غير ، وليس لفعله ارتباط به أصلا ، إلا ارتباط الصنع بالصانع على وجه الإبداع في ملكه ولا بالمفعول لانتفاء أثر الوقوع بفقد المتعلق.
فلا بد من أن يكون فعله أول إبداعه ولذا قال مولانا الرضا عليهالسلام في خبر عمران : «اعلم أنّ الإبداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة» (٢).
ومن البيّن أنه لا يجوز اتصافه بالفعل والإرادة والمشية بمعانيها المعروفة التي يتصف بها المخلوق ، لأنها بتلك المعاني عن الكيفيات النفسانية ، ومن الأعراض القائمة بالمحل ، والضرورة قضت باستحالة اتصافه سبحانه بمثل هذه المعاني ، فلا يمكن اعتبارها أعراضا قائمة به لذلك ، ولا بغيره لسبقها على غيرها.
فلا بد أن تكون موجودة بإيجاده قائمة بقيوميّته واسطة في إيصال الفيض منه إلى غيره.
وبالجملة فالربوبية في هذا الموضع هو الرب المخلوق والعبد المرزوق وهو الفعل الذي خلقه بنفسه ، وأقامه في ظله ، والتعبير عنه بالمعنى المصدري النسبي سهل الاندفاع ، وإن شئت فعبر عنه بالمعنى الوصفي لكونه مصدرا لفعل الحق ، بل هو المفعول المطلق لكنه لا بد من حفظ الحدود ولحظ القيود ، بأن يعلم عدم تأصل الوجود لتقومه بفعل الحق المعبود ، فهو عبد ذليل خاضع خاشع منقاد لله سبحانه ،
__________________
(١) النحل : ٧٤.
(٢) بحار الأنوار : ج ١٠ / ٣١٤ ، عن «التوحيد» و «العيون».