بحسب المعنى فهو الجميع لا الأفراد المجتمعة.
مع أن الظاهر أن إفادة الكلية مستندة إلى حذف المتعلق الذي هو المضاف إليه على وجه الظهور ، لا الوضع فغلب استعماله مطلقا على ما سوى الله ، ومضافا إلى شيء من كليات العوالم فيما أضيف إليه ، كما أن الغالب كون المضاف إليه جنسا من أجناس ذوي العلم أو من أجناس ما سوى الله ، فيقال : عالم الجبروت ، وعالم العقول وعالم النفوس ، وهكذا.
وأما أفراد الجنس فقيل : إنه لا يجوز إطلاقه عليها ، فلا يقال : عالم زيد وعمرو ، ولذا أورد عليه بأنه إذا لم يطلق على شيء من أفراد الجنس المسمى به ، فإذا عرّف باللام امتنع استغراقه لأفراد جنس واحد ، فإن اللفظ المفرد إنما يستغرق أفرادا يطلق على كل واحد منها وكذا إذا جمع وعرّف لم يتناول إلا الأجناس التي يطلق عليها دون افرادها.
وأجيب بأن العالم لما كان مطلقا على الجنس بأسره نزل منزلة الجمع ، ومن ثم قيل : هو جمع لا واحد له من لفظه ، فكما أن الجمع إذا عرف استغرق آحاد مفرده وإن لم يكن صادقا عليها كقوله : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) أي كل محسن ، ويقال : لا أشتري العبيد أي كل واحد منهم ، كذلك العالم إذا عرف يشمل أفراد الجنس المسمى به.
وفيه تأمل ، فإن شمول العالم لأفراد الجنس ليس كشمول الجمع لمفرداته ، بل كشمول الكل لأجزائه.
ولذا ربما قيل : بشمول العالمين لكليات العوالم ، لا لأجزائها ، فالفرق بينه وبين العالم دلالته على استغراق الأجناس ، دون العالم الدال على جنس واحد منها ،
__________________
(١) آل عمران : ١٣٤.