أمكن ذلك على تكلّف فالجزاء كقوله : إنا لمدينون وكما تدين تدان ، ولعلّ إرادته في المقام أنسب من غيره من المعاني كما قال : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١) ، (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) (٢).
والجزاء بعد الحساب فهو يشمله ، والحساب للجزاء فيدلّ عليه ، ولذا فسّره مولينا العسكريّ عليهالسلام في تفسيره بيوم الحساب قال : ويوم الدين هو يوم الحساب (٣) ورواه في «المجمع» عن أبى جعفر عليهالسلام.
ومنه يظهر أنّه لا داعي إلى تكلّف غيره من المعاني ، وان كانت المناسبة الّتي بينه وبين كثير منها كافية في التّسمية ، فإنّه يوم جزاء الإسلام بتقدير المضاف ، وكذا لو أخذ بمعنى العبادة ، أو الطّاعة ، أو الملّة ، والتّوحيد ، أو أنّه يوم أصحاب التوحيد ، أو يوم ظهور الوحدانيّة له تعالى وبطلان الشرك بتبري الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا فإنّهم وما يعبدون من دون الله حصب جهنّم» فهو يوم ذلّة المشركين بل المجرمين ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٤) ، آه ويوم القهر والغلبة بمعنى الفاعل والمفعول ، ويوم ظهور السّلطنة والعلو والملك والحكم وسيرة العدل والتدبير لله ربّ العالمين ، ولأوليائه القوّامين بأمره العاملين بإرادته.
ثمّ انك إذا اعتبرت معاني اليوم ومعاني الدين على وجه الظهور والبطون ، أو عموم المجاز أو الحقيقة بعد الحقيقة ، أو استعمال اللّفظ في المعنيين الحقيقيّين ، أو المعنى الحقيقي والمجازي على فرض جوازهما يظهر لك معان كثيرة وشئون غفيرة للرّبوبيّة.
__________________
(١) الجاثية : ٢٨.
(٢) غافر : ١٧.
(٣) مجمع البيان : ج ١ / ٢٤.
(٤) السجدة : ١٢.