واعلم أنّه على قراءة ملك تكون الإضافة معنويّة موجبة لتعريف المضاف كى يصحّ توصيف المعرفة الّتي هو الله به لأنّ الصّفة المشبّهة لا تعمل النّصب حتى تكون مضافة إلى المفعول به لاشتقاقها من اللّازم ، وإضافتها اللّفظية منحصرة في اضافتها إلى فاعلها فالاضافة في ملك يوم الدّين مثل كريم البلد حقيقيّة يكسب التّعريف.
وأمّا تجويز سيبويه هو رحيم فلانا وجليس زيدا فقد قيل إنّه نصّ على أنّ الأوّل من ابنية المبالغة ، وحكمه حكم اسم الفاعل حينئذ ، والثّانى بمعنى مجالس وإلّا لم يكن متعدّيا.
واحتمال كون ملك في المقام من أبنية المبالغة نظرا إلى كونه متعدّيا ، مع أنّهم صرّحوا بلزوم اشتقاق الصفّة من الفعل اللّازم مدفوع بما مرّ من تصريحهم بتقدير اللّزوم فيه وفي نظائره في باب المدح والذم بنقل الفعل إلى القرائن بل قيل : إنّ تقدير اللّزوم في المتعدّى كثير في كلامهم كقولهم يعطى ويمنع أو يفعل الإعطاء والمنع ، من غير اعتبار أنّه من يعطيه وما يعطيه.
وأمّا على قراءة مالك فقد أجيب عن إشكال وقوعه صفة للمعرفة بوجهين : أحدهما تجريده عن معنى الحدوث والتّجدد بمعنى أنّ له الملك في هذا اليوم على وجه الثّبوت والدّوام والاستمرار فلا يكون مشابها لفعل في التّجدد والحدوث ، نعم ربما يقال لا مانع من عمله حينئذ أيضا ويستشهد له بقوله : (جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) (١) بنصب الشمس والقمر عطفا على محلّ اللّيل مع قصد الاستمرار من اسم الفاعل كما عطف على محلّه في قوله :
هل أنت باعث دينار لحاجتنا |
|
أو عبد ربّ أخاعون بن محراق |
بنصب عبد ، وقد يجاب بانّ الاستمرار يحتوي على الأزمنة الماضية والآتية
__________________
(١) الأنعام : ٩٦ على قراءة (جاعل) لا القراءة الموسومة إنّها (جعل).